أيها الأحبة.
أدعوكم إلى هذه الجلسة العلمية الجليلة مع الصحابي الجليل، ابن أمِّ عبد، عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - وما أظنكم إلا ستحمدون الجلوس إلى وعاء العلم صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وستجنون من الفوائد العلمية والخلقية ما يجعلكم إلى جلسة أخرى مثلها مشتاقين.
أهلاً وسهلاً بكم، عبدالله بن مسعود يحييكم إلى مائدته العامرة بأصناف العلوم والحكم والنصائح التي لا تقدِّر بثمن.
هيَّا إلى مائدته المنوعة رضي الله عنه:
يقول: إن للقلوب شهوة وإقبالاً، وإن للقلوب فترة وإدباراً، فاغتنموها عند شهوتها وإقبالها، ودعوها عند فترتها وإدبارها.
ويقول: ما دُمتَ في صلاة فأنت تقرع باب المَلِكِ، ومن يقرَع باب الملكِ يُفتح له.
ويقول: إني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها.
ويقول: إن الشيطان أطاف بأهل مجلس ذكر ليفتنهم، فلم يستطع أن يفرِّق بينهم، فأتى على حلقةٍ يذكرون الدنيا فيها فأغرى بين أهلها حتى اقتتلوا فقام أهل الذكر فحجزوا بينهم فتفرقوا..
ويقول: إني لأبغض الرجل أن أراه فارغاً ليس في شيء من عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة.
ويقول: إنَّ الناس قد أحسنوا في القول، فمن وافق قوله فعلَه فذاك الذي أصاب حظَّه، ومن لا يوافق قوله فِعلَه فذاك الذي يوبِّخ نفسه.
ويقول: مَن تطاول تعظُّماً خَفَضَه الله، ومن تواضع تخشُّعاً رفعه الله، وإن للِمَلَكِ لَمَّةً، وللشيطان لَمَّةً، فَلَمَّةُ المَلَكِ إيعادٌ بالخير، وتصديق بالحق، فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا الله عز وجل، ولَمَّة الشيطان ايعادٌ بالشرِّ وتكذيب بالحقّ، فإذا رأيتم ذلك فتعوَّذوا بالله.
ويقول: ليس العلم بكثرة الرواية، ولكنَّ العلم بالخشية.
ويقول: لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يبلغ ذِروَته حتى يكون الفقر أحبَّ إليه من الغنى، وحتى يكون التواضع أحبَّ إليه من الشرف، وحتى يكونَ حامدُه وذامُّه عنده سواء.
وتفسير قوله هذا: أن يكون الفقر في الحلال أحبَّ إليه من الغنى في الحرام، وأن يكون تواضعه في طاعة الله أحبَّ إليه من الشرف في معصيته، وأن يكون حريصاً على الحقِّ لا يصرفه عنه مدحُ مادحٍ ولا ذَمُّ ذامّ.
هذا مجلس عبدالله بن مسعود رضي الله عنه الذي قال عنه رسولنا -صلى الله عليه وسلم - من سرَّه أن يقرأ القرآن رطباً كما أُنزل، فليقرأه على قراءة ابن أمِّ عبد.
مجلس عبدالله بن مسعود الذي قال عنه عمر: إنَّه كنيفٌ مليء علما.
أيها الأحبة:
ما أجملها من جلسة، وما أحوجنا إلى أمثالها!
إشارة:
نهرٌ من الإسلام يبدأ نبعه
وعلى شواطئه يطيب المنظَرُ |
|