* فرانكفورت - طارق عبدالغفار - أ ش أ:
عمقت حرب اللحوم المتصاعدة بين الولايات المتحدة وكندا من ناحية والاتحاد الأوروبي من ناحية أخرى إثر رفض الاتحاد الأوروبي استيراد اللحوم الأمريكية المعالجة بالهرمونات الخلافات التجارية بين واشنطن وبروكسل.
ويهدد الاتحاد برفع دعوى ضد الولايات المتحدة وكندا أمام منظمة التجارة العالمية حال رفض الدولتين إلغاء التعريفة المفروضة على الصادرات الأوروبية التي يبلغ حجمها 126 مليون دولار رداً على رفض الجانب الأوروبي استيراد اللحوم الأمريكية والكندية المعالجة بالهرمونات رغم عدم ثبوت أضرارها الصحية.
وتفرض الولايات المتحدة وكندا عقوبات مالية على عدد من السلع المصدرة الأوروبية المنشأ كالنسيج منذ عام 1999 في أعقاب فشل الجانب الأوروبي في تبرير قراره بحظر استيراد اللحوم المعالجة بالهرمونات من الدولتين.
وقد سعى الاتحاد الأوروبي إلى الاستعانة بنتائح أحد الابحاث العلمية الأوروبية والتي أشارت إلى احتمال وجود علاقة بين الإصابة بالسرطان وتناول اللحوم المعالجة بالهرمونات.
ويرى المفوض التجاري الأوروبي باسكال لامي أنه لا يوجد مبرر يستدعي استمرار العقوبات المالية الأمريكية والكندية على الصادرات الأوروبية التي تقلل من أرباح الشركات الأوروبية.. مشيرا إلى وجود التزام من جانب الاتحاد بحظر تداول اللحوم المعالجة بالهرمونات.
وأشار الاتحاد الأوروبي إلى أن قرار حظر استيراد اللحوم الأمريكية والكندية المعالجة بالهرمونات يتماشى مع قرارات منظمة التجارة لأنه اتخذ بعد دراسات علمية تناولت تلك السلعة.
ويرى باسكال لامي المفوض التجارى الأوروبي أن دول الاتحاد تخسر سنويا 116.8 مليون دولار في السوق الأمريكية و11.3 مليون دولار في السوق الكندية من جراء العقوبات المالية المفروضة عليها من الدولتين.
وفي المقابل تشير الولايات المتحدة إلى أن الحظر الأوروبي المفروض على صادرات اللحوم الأمريكية يكبدها نحو 500 مليون دولار سنوياً.
وأوضح ريتشارد ميلز الناطق باسم وزارة التجارة الأمريكية أن الذرائع التي يتشدق بها الاتحاد الأوروبي لمواصلة الحظر المفروض على صادرات اللحوم الأمريكية غير مقنعة.
وأضاف: إن قرار الحظر الأوروبي لا تسانده الأدلة العملية حيث تتواجد الهرمونات في اللحوم بنسبة أقل بنحو 50 في المائة من المسموح بها في العديد من المنتجات الأخرى.
وتؤيد كندا استمرار العقوبات المالية المفروضة على الصادرات الأوروبية طالما رفض الاتحاد الأوروبي إلغاء الحظر المفروض على صادرات اللحوم الأمريكية والكندية.
ويرى محللون اقتصاديون أوروبيون أن الخلاف الحالي يعد حلقة في سلسلة الخلافات بين الطرفين بشأن العديد من القضايا التجارية كالأغذية المعدلة وراثيا حيث يضع الجانب الأوروبي قيودا على استيراد تلك الأغذية من الولايات المتحدة.
ويرى محللون اقتصاديون أن الخلافات التي تصاعدت بين واشنطن والاتحاد الأوروبي بشأن مشروع القانون الأمريكي المتعلق بالتخفيضات الضريبية للشركات الأمريكية الذي يعطي للشركات الأمريكية الكبرى فترة سماح تصل إلى ثلاث سنوات قبل إلغاء ضريبة دعم الصادرات التي تبلغ قيمتها حوالي 135 مليار دولار تمثل حلقة جديدة من مسلسل النزاعات التجارية بين الطرفين والتي تنعكس سلباً على مفاوضات تحرير التجارة.
وأشاروا إلى أن الولايات المتحدة التي قلصت دعم الصادرات بناء على قرار منظمة التجارة العالمية تسعى حالياً إلى منح الشركات الأمريكية المزيد من التخفيضات الضريبية وهو ما تعتبره الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي منافيا للمنافسة الحرة.
وترى المحللة اليزابيت بيكر أن دول الاتحاد أعربت عن قلقها من الفترة الانتقالية التي منحتها إدارة بوش للشركات قبل إلغاء ضريبة دعم الصادرات الأمريكية التي اعتبرتها منظمة التجارة منافية لإجراءات تحرير التجارة العالمية.
ويرى محللون اقتصاديون أمريكيون أن الشكاوى الأوروبية من الإجراءات الضريبية الأمريكية تجيء كرد فعل لإحالة قضية الدعم المالي الأوروبي لإيرباص إلى منظمة التجارة العالمية.
وبات جلياً اعتماد الولايات المتحدة على إجراءات فرض الرسوم العالية على الدول الأخرى لحماية منتجاتها المحلية في مجالات عديدة رغم ادعاء واشنطن حرصها على دعم التوجه العالمي باتجاه تحرير السوق وتشجيع الدول النامية على الاتجاه إلى سياسات السوق الحرة.
وأثارت التعريفة الجمركية الجديدة التي تعتزم الولايات المتحدة فرضها على صادرات الصين من الأثاث وتصل إلى 194 على بعض أنواع الأثاث المخاوف من اندلاع صدام تجاري بين واشنطن وبكين.
ويرى محللون اقتصاديون أمريكيون أن هذه التعريفة الجمركية الجديدة ستنعكس سلباً على صادرات الأثاث الصينية للولايات المتحدة التي يبلغ حجمها مليار دولار سنوياً.
وترى شركات الأثاث الأمريكية أن إدارة الرئيس بوش استجابت أخيراً لمطالبهم بفرض تعريفة جمركية أعلى على صادرات الأثاث الصينية لمكافحة إغراق الأسواق الأمريكية بالمنتجات الصينية الرخيصة التي أضرت بصناعة الأثاث الأمريكية لاسيما غرف النوم.
وأوضحت تلك الشركات أن 350 ألف عامل أمريكي بمصانع إنتاج الأثاث (أي نحو 28 من إجمالي القوى العاملة في الولايات المتحدة) فقدوا وظائفهم منذ تولي الرئيس بوش المسؤولية عام 2000 بسبب إغراق منتجات الأثاث الصيني للأسواق الأمريكية.
وفي المقابل يشدد مايك فيتنهايمر المحلل الاقتصادي أن التعريفة الجديدة سوف تؤثر سلباً على مبيعات الأثاث في السوق الأمريكية في ضوء ارتفاع الأسعار المتوقع بعد تطبيق تلك الرسوم.
وتهدد الولايات المتحدة باللجوء إلى منظمة التجارة العالمية لإجبار الاتحاد الأوروبي على إعادة النظر في نظامه الجمركي الذي ترى واشنطن أنه يهدد مصالح شركاتها.
وترى واشنطن أن النظام الجمركي للاتحاد لا يتسق مع الإجراءات التي أقرتها منظمة التجارة حيث لا يتضمن آليات للمراجعة كما أنه يتيح لكل دولة عضو بالاتحاد تطبيق الإجراءات وفق ظروفها الخاصة بعيدا عن الإجراءات الدولية المتفق عليها.
وتنتقد واشنطن غياب الإدارة الجمركية الموحدة بالاتحاد الأوروبي وهو ما يؤدي إلى حالة عدم الاتساق مع إجراءات منظمة التجارة والإضرار بمصالح الشركات الأمريكية لاسيما الصغيرة والمتوسطة الحجم.
وتتضمن إجراءات الشكاوى بمنظمة التجارة خطوتين الأولى تتعلق بالسماح للطرفين المتازعين بإجراء مشاورات بشأن القضية محور الخلاف، والثانية تطبيق إجراءات تسوية المنازعات والاستئناف على القرار وتستغرق تلك الخطوة 18 شهرا تبدأ بإحالة النزاع إلى المنظمة.
وتهدد الرسوم الجديدة التي وافقت واشنطن مبدئياً على فرضها على صادرات الأغذية البحرية الصينية والفيتنامية للسوق الأمريكية التي تصل إلى 113 بتقليص صادرات الدولتين إلى الولايات المتحدة.
وقد استندت وزارة التجارة الأمريكية في قرارها بالموافقة المبدئية على فرض الرسوم الجديدة على أن صادرات الأسماك من الدولتين تباع في السوق الأمريكية بأسعار منخفضة وهو ما يضر بالمنافسة الحرة.
ومن المتوقع أن يؤدي الإجراء الجديد إلى رفع الرسوم المفروضة على صادرات الجمبري الصينية من 7.7 إلى 113، والصادرات الفيتامية من 12 إلى 93، وهو ما دفع الدولتين إلى الاحتجاج بشدة على القرار الأمريكي الذى سيضر بمصالحهما.
وقد أثار الإجراء الأمريكي غضب شركات فول الصويا وتصنيع وتوزيع الأسماك لاسيما الجمبري في الولايات المتحدة، لأنه سيؤدي إلى ارتفاع تكاليف الاستيراد من الصين وفيتنام وبالتالي زيادة الأسعار وانخفاض أرباحها بصورة ملحوظة.
|