* مخيم جباليا- بلال أبودقة:
الحادثة: مولود جديد، المكان مخيم جباليا، اسم المولود (شريد)، مكان الولادة فوق أنقاض المنزل المهدم.. هكذا بدا الوضع المأساوي في مخيم جباليا الذي تعرض لحملة تطهير عرقي صهيوني طالت البشر والشجر والحجر على حد سواء..
(وضعت طفلي ثاني أيّام الاجتياح الصهيوني لمنطقتنا30-9- 2004 ولقد سمّيته عبد الرحمن لكني ألقّبه ب(شريد)لأنه أبصر النور على بيتٍ مهدوم وأسرته موزعة بين بيوت الأقارب والأحباب وهو يتنقل من بيت لآخر).
بهذه الكلمات وصفت المواطنة الفلسطينية، أم عادل سالم، من مخيّم جباليا للاجئين مأساتها وأسرتها وهي تجلس فوق أنقاض منزلها المدمّر حيث جلست مستظلة بقطعة قماش علقتها على أغصان أشجارها المقتلعة وهي تحتضن رضيعها الشريد (عبد الرحمن) فيما انتشر عددٌ من الأطفال الصغار يلملمون ما يصلح من محتويات المنزل المدمّر..
هذا وبدت ملامح أم الشريد الطفل المولود تنمّ عن حزنٍ شديد جرّاء تمزّق شمل أسرتها بعد هدم المنزل لاسيّما في شهر رمضان المبارك..
قالت بحسرة وألم: أعيش مع بعض أطفالي في بيت من بيوت أقاربنا ويعيش زوجي مع بقية الأطفال في بيت آخر..!! وأشارت الأم الفلسطينية، بيد مرتجفة إلى أشجار الزيتون والنخيل والعنب والجوافة الصريعة بفعل همجية الاحتلال الصهيوني، قائلة: جرفت قوات الاحتلال الأشجار التي طالما أكلنا من ثمارها، ودفنت مزرعة دجاج كنا نعتاش من ورائها حيث كانت تضمّ حوالي 50 دجاجة بياضة..
وجرفت قوات الاحتلال منزل أسرة سالم الذي كان مكوّناً من طابقٍ واحدٍ ويضمّ ثلاث غرف تستر 9 أفراد معظمهم من الأطفال والنساء.
وانشغلت أسرة سالم في انتشال ما يصلح من محتويات المنزل رغم تحليق المروحيات وطائرات الاستطلاع في سماء المكان وكانت نظرات الذهول والحيرة تبدو على وجوه الأطفال..
حتى البهائم الرتع لم تسلم من بطش يهود..!!
هذا وقد عاينت (الجزيرة) من مكان الحدث الجلل، حجم الكارثة الإنسانية، التي ألمت بالأسر الفلسطينية المشردة، التي أصبحت تفترش حصى منازلها المدمرة وتلتحف سماء ربها، رافعة أكف الضراعة للخالق أن ينتقم من الاحتلال..
المواطن الفلسطيني، عاطف ورش الأغا، من سكان بلدة بيت لاهيا، قال للجزيرة: إن هؤلاء اليهود هم أعداء للبشر وللشجر وحتى للبهائم الرتع، مؤكدا أن قوات الاحتلال الهمجي، قتلت وبدم بارد عشرات من رؤوس الأغنام والأبقار التي يملكها، مشيرا إلى أن قوات جيش شارون قامت بوضع التراب على البهائم وهي حية، فيما طمرت جرافات الاحتلال عشرات من رؤوس الأغنام تحت الأرض..
هذا وارتكب الجيش الصهيوني بشاعة أخرى بحق الطيور أيضا، حيث أكد المواطن الفلسطيني، أبوالعبد نايفة، للجزيرة: أن قوات الاحتلال الصهيوني جرفت مزرعة له مليئة بآلاف مؤلفة من طيور الدواجن، مشيرا إلى أن جرافات الاحتلال طمرت الطيور وهدمت المزرعة بالكامل على ما بها من طيور..!!
وفي جريمة أخرى بحق الشجر الفلسطيني، قال المواطن، باسم حمودة من بلدة بيت لاهيا، للجزيرة: إن جرافات الاحتلال البغيض قضمت شجرة من الصدر في البلدة يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام..
وفي أحاديث متفرقة مع الجزيرة، قال أهالي بلدات شمال قطاع غزة، للجزيرة: إنهم لم يتعرفوا على المكان بعد انسحاب الصهاينة، فلم تعد حدود أراضيهم ومزارعهم معروفة، وحتى أن بيوتهم التي عادوا إليها وجدوها قد سويت بالأرض لدرجة أنهم جهلوا مكانها من شدة الدمار الذي حل بالبنى التحتية لبلداتهم المنكوبة..
وزير الإسكان الفلسطيني للجزيرة: قوات الاحتلال الصهيوني اتبعت خلال عمليتها العدوانية سياسة الأرض المحروقة..
هذا وأكد، عبد الرحمن حمد، وزير الإسكان الفلسطيني في حديث خاص مع الجزيرة أن عدد المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال الصهيوني في شمال غزة خلال عملية ما يسمى ب(أيام الندم) بلغت أكثر من (120) منزلا، تم تدميرها بالكامل، بالإضافة إلى (200) منزل هدمت بشكل جزئي، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال الصهيوني اتبعت خلال عمليتها العدوانية سياسة الأرض المحروقة، حيث جرفت مئات الدونمات الزراعية، المغروسة بأشجار الحمضيات والزيتون، بالإضافة إلى تدمير وردم آبار المياه..
كما دمرت قوات الإرهاب الصهيوني شبكة البنية التحتية والاتصالات والصرف الصحي..
وأشار الوزير الفلسطيني إلى أن مئات الأسر الفلسطينية باتت دون مأوى..
مناشدا عبر الجزيرة المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لتوفير الإمكانيات الأساسية للأسر المنكوبة، كون الكارثة الإنسانية التي أحدثها الاحتلال البغيض شمال قطاع غزة، تفوق إمكانات السلطة الفلسطينية..
وقدر وزير الإسكان الفلسطيني خسائر العدوان الهمجي،الذي استمر سبعة عشر يوما بمئات ملايين الدولارات..
|