Tuesday 16th November,200411737العددالثلاثاء 4 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

منظمة أمريكية:إسرائيل هدمت 290 منزلاً دون مبرر لتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم منظمة أمريكية:إسرائيل هدمت 290 منزلاً دون مبرر لتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم

* رام الله - نائل نخلة:
أدانت منظمة هيومان رايتس ووتش الأمريكية لحقوق الإنسان في العالم (إسرائيل بشدة لقيامها بتدمير الآلاف من منازل الفلسطينيين في قطاع غزة، والعمل على إقامة منطقة عازلة بمحاذاة الشريط الحدودي دون أي حاجة عسكرية لذلك) .
وأكدت المنظمة (أنه وفقا للقانون الدولي فإنه لا يجوز لإسرائيل باعتبارها دولة احتلال تدمير الممتلكات المدنية، أو تدمير الممتلكات بهدف تحسين الوضع الأمني العام لدولة الاحتلال).
وأكدت المنظمة في تقرير نشرته تحت عنوان (تشطيب رفح) أن جيش الاحتلال شرد أكثر من 16 ألف فلسطيني نتيجة هدم منازلهم في منطقة رفح وحدها، وهو ما يعني أن 10% من سكان المخيم فقدوا منازلهم.. ويزعم الجيش الإسرائيلي، الذي كثيراً ما يتعرض لنيران الجماعات الفلسطينية المسلحة على امتداد الطرف الجنوبي لقطاع غزة، أن ثمة ضرورة عسكرية تستوجب هذا التدمير؛ وقد خلصت منظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن الجيش الإسرائيلي شرَّد 16000 شخص على مدى السنوات الأربع الماضية، بغض النظر عما إذا كانت منازلهم تشكل خطراً عسكرياً حقيقياً. ووفقاً للقانون الدولي، لا يجوز لإسرائيل، باعتبارها دولة احتلال، تدمير الممتلكات المدنية (إلا إذا كانت العمليات العسكرية تقتضي حتماً هذا التدمير) ؛ ومن المحظور تدمير الممتلكات بهدف تحسين الوضع الأمني العام لدولة الاحتلال أو باعتبار ذلك تدبيراً احتياطياً عاماً للوقاية من أخطار مفترضة تهدد أمنها.
وقال كنيث روث، المدير التنفيذي لمنظمة هيومن رايتس ووتش: (إن سلوك إسرائيل في جنوب قطاع غزة يقوم على افتراض مؤداه أن كل فلسطيني هو منفذ تفجير انتحاري، وكل بيت هو قاعدة للهجوم؛ وهذا السياسة المتمثلة في تدمير المنازل على نطاق واسع تفضي إلى انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي الذي يرمي إلى حماية المدنيين) .
ويركز التقرير الذي يقع في 135 صفحة، والصادر تحت عنوان: (تدمير رفح: هدم المنازل على نطاق واسع في قطاع غزة) - على مدينة رفح جنوبي القطاع، حيث فقد أكثر من 10 في المائة من السكان منازلهم.
وإلى جانب الأبحاث والمقابلات التي أجريت في غزة وإسرائيل ومصر يستخدم التقرير صور الأقمار الصناعية، والخرائط، والرسومات البيانية، والصور الفوتوغرافية، لتوثيق نمط من عمليات الهدم غير المشروعة التي قام بها الجيش الإسرائيلي؛ ويقول التقرير إن هذا النمط يتماشى مع الهدف السياسي المتمثل في إيجاد منطقة واسعة وخالية لتيسير السيطرة على قطاع غزة على المدى الطويل، ولم ينشأ عن ضرورة عسكرية مطلقة. ويسوق الجيش الإسرائيلي حجتين رئيسيتين لتوسيع المنطقة العازلة، وهما: إغلاق أنفاق التهريب من مصر، وتعزيز أمن القوات الإسرائيلية على الحدود. وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إنه وإن كانت الأنفاق وأمن الجنود الإسرائيليين يعتبران من بواعث القلق المشروعة، فإن حجتي الحكومة لا تثبتان على محك النظر من أي من هذين المنظورين. ولا مراء في أن الفصائل الفلسطينية المسلحة تستخدم هذه الأنفاق في تهريب الأسلحة لاستعمالها في شن هجمات على الجنود والمدنيين الإسرائيليين؛ ولكن ثمة من الأدلة ما يرجح أن الجيش الإسرائيلي إنما يتخذ وجود هذه الأنفاق ذريعة لتبرير هدم المنازل، وتوسيع (المنطقة العازلة) . وفضلاً عن المبالغة في عدد الأنفاق، فقد تقاعس الجيش الإسرائيلي، فيما يبدو، عن استكشاف الوسائل الراسخة لاكتشاف الأنفاق وتدميرها - مثل أجهزة الاستشعار الزلزالية وأنظمة الحث الكهرومغناطيسي وأجهزة الرادار التي تخترق الأرض - مما يحول دون الحاجة لعمليات التوغل التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في رفح، والتي أسفرت عن تدمير المنازل ووقوع خسائر في الأرواح أحياناً، أو يقلل من ضرورة هذه العمليات.
وفي بعض الأحيان، قام الجيش الإسرائيلي بتدمير مجموعات من المنازل بغية (إغلاق) أنفاق ورد أن السلطات الفلسطينية قامت بإغلاقها من قبل. وقال روث: (بدلاً من تدمير الأنفاق الممتدة تحت الحدود الخاضعة لسيطرته، يقوم الجيش الإسرائيلي بعمليات تمعن في التوغل في أعماق رفح، الأمر الذي يؤدي إلى تشريد الفلسطينيين، بل ويعرض الجنود الإسرائيليين لمزيد من المخاطر) .
وعلى امتداد حدود رفح، تتبادل قوات الجيش الإسرائيلي والجماعات الفلسطينية المسلحة إطلاق النار بصفة معتادة؛ ولكن الجيش الإسرائيلي عمد إلى اتخاذ تدابير تتجاوز بمراحل ما يسمح به القانون الدولي، وما يقتضيه أمن القوات الإسرائيلية، وذلك بحجة حماية الجنود الإسرائيليين؛ ففي عام 2003، على سبيل المثال، استكمل الجيش الإسرائيلي بناء جدار معدني يبلغ ارتفاعه 8 أمتار في (المنطقة العازلة) التي تم إخلاؤها بالفعل بهدف حماية قواته. وبالرغم من هذه الحماية الإضافية، فقد تزايد معدل هدم المنازل في رفح حتى بلغ خلال عام 2003 ثلاثة أضعاف نظيره في العامين السابقين.
وقال روث: (يسوق الجيش الإسرائيلي طائفة من الحجج المعقدة تبريراً لتدمير رفح، ولكنها حجج متداعية لا تثبت على محك النظر، بل تنجلي عن نمط من الانتهاك والتدمير الذي يفتقر لأي مبرر) . وفي منتصف مايو-أيار، وافقت الحكومة الإسرائيلية على خطة تقضي بمزيد من التوسيع (للمنطقة العازلة) من خلال هدم العشرات ( بل ربما المئات) من المنازل؛ وورد أن الجيش الإسرائيلي أوصى بعد ذلك بهدم جميع المنازل الواقعة على مسافة تقل عن أربعمائة متر من الحدود، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تشريد آلاف آخرين من الفلسطينيين في واحدة من أشد المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض.
كما يوثق التقرير التدمير الإسرائيلي الواسع النطاق لمنازل رفح وبنيتها التحتية في شهر مايو-أيار الماضي، انتقاماً، فيما يبدو، لمقتل خمسة جنود إسرائيليين على أيدي مسلحين فلسطينيين. فقد أفضت العمليات العسكرية الكبرى التي قام بها الجيش الإسرائيلي في ذلك الشهر إلى تدمير أكثر من 200 منزل، يقع الكثير منها في عمق المدينة بعيداً عن الحدود؛ وشقت الجرافات المدرعة طريقها مخترقة الشوارع والمحلات التجارية، وقامت بتجريف الطرق بصورة عشوائية، وتدمير شبكات المياه والمجاري، وحولت حقلين زراعيين كبيرين إلى رقع من الأرض القاحلة.
ويزعم الجيش الإسرائيلي أن هذا التدمير قد استوجبته ضرورة عسكرية لأن الجنود تعرضوا للهجوم، ولكن الأدلة تشير إلى أن المقاومة الفلسطينية كانت خفيفة ومحدودة، وتغلبت عليها القوات الإسرائيلية خلال الساعات الأولى من كل توغل؛ بل قد وقع التدمير أحياناً في مناطق بعيدة عن الحدود بعد أن قام الجيش الإسرائيلي بتأمين المنطقة، على نحو اتسم بالتمهل والتأني والشمول مستغرقاً في ذلك وقتاً طويلاً، وليس في غمار القتال.
وقد تقاعست الولايات المتحدة والحكومات الأوروبية عن محاسبة إسرائيل على امتناعها عن الالتزام بالقانون الدولي؛ بل إنها على العكس من ذلك تمول ترميم المنازل وبناء مساكن جديدة بعد وقوع عمليات الهدم. وفي تقريرها، تحث هيومن رايتس ووتش الحكومات الأجنبية على مطالبة إسرائيل إما بدفع تعويضات للضحايا أو تعويض المانحين عما أنفقوه من أموال لإصلاح المنازل والمباني التي دمرت بصورة غير مشروعة.
كما ينتقد التقرير شركة كاتربيلر، التي تتخذ مقرها في الولايات المتحدة، والتي تنتج الجرافات القوية من طراز دي 9، وهي الجرافات التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في تدمير المنازل والبنية التحتية الفلسطينية؛ ودعت هيومن رايتس ووتش شركة كاتربيلر إلى وقف مبيعاتها من الجرافات دي 9، أو قطع الغيار، أو خدمات الصيانة الخاصة بها إلى الجيش الإسرائيلي ما دام يستخدم هذه المعدات في عمليات الهدم غير المشروعة. ويجب على الشركة اتخاذ التدابير اللازمة للتحقق من عدم بيع سلعها وخدمتها عن قصد إلى عملاء يعتزمون استخدامها في انتهاك حقوق الإنسان.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved