Monday 15th November,200411736العددالأثنين 3 ,شوال 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الطبية"

محذِّراً من مخاطر تدخل غير المختصين ..د. عزت عبدالعظيم استشاري الأمراض النفسية: محذِّراً من مخاطر تدخل غير المختصين ..د. عزت عبدالعظيم استشاري الأمراض النفسية:
أخطاء التربية تفسر الاضطرابات النفسية عند الأطفال
البيئة الاجتماعية وراء بعض الأمراض النفسية التي تصيب الأطفال

الطفولة هي مرحلة البهجة والمرح والانطلاق دون أية مسؤولية أو أعباء، لذا لا تكاد الابتسامة تفارق شفاه الأطفال، وهم يمارسون شقاوتهم الندية، ويملؤون البيوت بالضجيج الجميل، لكنه عندما تجد طفلاً مكتئباً، أو يميل للانعزال عن أقرانه، أو أكثر رغبة في اللجوء للعنف والتذمر، فلا شك أن ثمة خطأ أحدث خللاً في الصحة النفسية لهذا الطفل أو ذاك، وحتى لا يتكرر هذا الخطأ، أو يتفاقم، نحاول أن نلقي الضوء على الجوانب النفسية للأطفال التي يحدثنا عنها د. عزت عبدالعظيم استشاري الأمراض النفسية بمستشفى الحمادي بالرياض، وأستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق المصرية..
*****
* بداية هل يصاب الأطفال فعلاً بالمرض النفسي؟
- ولم لا بالطبع الأمراض النفسية - مثل باقي الأمراض - تصيب الإنسان في أي مرحلة من حياته منذ الولادة وحتى الممات، فقد يعتقد البعض أن الأطفال لا يصابون بالمرض النفسي أو حتى يكونوا أقل عرضة للاضطرابات النفسية عن باقي مراحل العمر المختلفة، وهذا ليس صحيحاً، فالطفل يصاب بالاضطرابات أو الأمراض النفسية حتى منذ الولادة، ولكن بصورة خاصة بمرحلة الطفولة من حيث أسباب ونوعية هذه الاضطرابات النفسية.
* وما هي نوعية الاضطرابات النفسية التي قد تصيب الطفل؟
- يمكن تلخيص الاضطرابات النفسية التي تصيب الأطفال فيما يلي :
- الاضطرابات الذهنية (العقلية) مثل التخلف العقلي، التوحد، أو فصام الطفولة بأنواعها ودرجاتها المتفاوتة وما يصاحبها من اضطرابات ذهنية وسلوكية وصعوبات التعلم ومشاكل الإخراج والكلام، وباقي الآثار السلبية على الطفل والأسرة أيضاً.
- صعوبات التعلم بأنواعه المختلفة مثل صعوبة تعلم القراءة والكتابة والحساب سواء كانت متفرقة أو مجتمعة التي قد تؤدي للفشل الدراسي والآثار النفسية السيئة على الطفل.
- اضطرابات التواصل وصعوبات الكلام مثل التلعثم والتأتأة وما تسببه من مشاكل نفسية واجتماعية ودراسية للطفل أيضاً.
- مشاكل اضطرابات النوم مثل المشي أو الكلام أو طحن الأسنان أثناء النوم.
- مشاكل التحكم في الإخراج كالتبول أوالتبرز اللاإرادي أثناء النوم وتأثيرها السيئ على الطفل والأسرة.
- اضطرابات الأكل عند الأطفال مثل زيادة أو فقدان الشهية العصبي، وما يصاحبها من مشكلة السمنة أو النحافة وانعكاساتهما السيئة على الحالة النفسية لدى الطفل .
- الخوف أو القلق أو الاكتئاب النفسي سواء كانت هذه الأمراض أولية أو ثانوية نتيجة لمشاكل نفسية أو عضوية، وما قد تؤديه من تداعيات نفسية وسلوكية سيئة على الطفل والأسرة.
- مرض الحركة الزائدة وقلة الانتباه وما يلازمها من صعوبات في التعلم والتواصل مع الآخرين ومعاناة الطفل والأهل نفسياً واجتماعياً وربما الفشل الدراسي والإحباط والاكتئاب. - الاضطرابات والعادات السلوكية السيئة مثل مص الأصابع أو قضم الأظافر أو الكلام البذيء والميول للعدوانية والسلوكيات السيئة كالكذب والسرقة، وما إلى ذلك من انحرافات سلوكية سيئة وآثارها الاجتماعية والنفسية السيئة على الطفل والأهل أيضاً.
* ما أسباب حدوث هذه المجموعات المتنوعة من الاضطرابات النفسية عند الأطفال؟
- من الواضح أن الاضطرابات النفسية عبارة عن مجموعات متنوعة من المتغيرات المرضية التي تظهر في صورة الاضطرابات العقلية والنفسية والعصبية والسلوكية أيضاً التي تصيب الأطفال، ولذا فإنه من المنطقي أن نجد عوامل وأسبابا متنوعة ومتعددة لهذه الاضطرابات التي قد تلعب دوراً مهماً في حدوث الاضطراب النفسي سواء كانت مجتمعة فيما بينها، أو قد يكون الدور منفرداً لأحد هذه العوامل، ويمكن تلخيص هذه العوامل والأسباب فيما يلي:
- العوامل الوراثية الجينية: حيث إنه من المعروف أن معظم الأمراض بما فيها الأمراض النفسية والعصبية ترتبط بالجينات الوراثية الأسرية وتنتقل لأطفال كل أسرة، حيث إن الارتباط الجيني يهيئ الطفل لحدوث تغيرات مرضية وراثية أثناء تخليق الجنين، وبالتالي إحداث أنواع معينة من الاضطرابات النفسية والعصبية الوراثية (عيوب تخليقية ).
- العوامل البيئية التي تؤثر على الطفل أثناء الحمل أو في بداية حياته فمثلاً إصابة الأم ببعض الأمراض أثناء الحمل، أو التعرض لعمل أشعة أو تعاطي أدوية معينة أثناء الحمل وخصوصاً الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، أو حتى سوء تغذية الأم أثناء الحمل قد يؤدي لحدوث تشوهات خلقية أو مضاعفات مرضية تؤثر على الطفل فيما بعد وتؤدي للمرض النفسي والعصبي، كما أن تعرض الطفل للإصابة بالعدوى الفيروسية أو البكتيرية وخبطات الرأس نتيجة للوقوع المتكرر الشديد التي قد تؤدي لحدوث مضاعفات وتغيرات باثولوجية مرضية في المخ وبالتالي ظهور المرض النفسي والعصبي.
- العوامل التربوية أو الأسرية، حيث إن أساليب التربية والمعاملة الأسرية الخاطئة غالباً ما تساعد (مع وجود الأسباب الأخرى أو بمفردها) في حدوث بعض الاضطرابات النفسية والسلوكية والإسهام بشكل كبير في ظهور هذه الاضطرابات عند الأطفال مثال ذلك القسوة الزائدة وسوء المعاملة والضرب والتوبيخ والإذلال للطفل، أو العكس من ذلك التدليل الزائد للطفل وكذلك أيضاً التفرقة في المعاملة بين أبناء الأسرة الواحدة من جانب الأبوين أو الأهل وكذلك أيضاً وجود الخلافات الأسرية والمشاجرات والخناقات المستمرة بين الأبوين أمام الأبناء التي قد تؤدي للطلاق وتفكك الأسرة أو اضطراب العلاقة الأسرية واختلال اتزان المثلث الأسري (الأب - الأم - الأبناء) غالباً ما يؤدي للهزات والاضطرابات النفسية للأطفال.
* نرجو تفسير كيف تلعب التربية الخاطئة والعلاقة الأسرية المضطربة دوراً في حدوث الاضطرابات النفسية والسلوكية عند الأطفال؟
- بالطبع الاضطرابات النفسية من الأمراض التي تصيب الإنسان وترتبط بالعوامل الوراثية، ولكن العوامل الخارجية مهمة أيضاً وهي من الأسباب التي تؤدي لظهور المرض النفسي أو التعبير عن هذا الاضطراب النفسي.
وقد أظهرت الدراسات والأبحاث النفسية الدور المهم لعوامل التربية في حدوث المرض النفسي، وذلك من خلال دراسات التبني في المجتمع الغربي، حيث أظهرت النتائج أن تربية أحد التوائم المتماثلة لدى الأهل والآخر في أسرة أخرى أدى لاختلاف في معدلات حدوث المرض النفسي لدى هذه التوائم المتماثلة المهيئة وراثياً والذي وصل فقط لنسبة 60% وبالتالي فإن حوالي 40% من الأطفال تأثروا بعوامل التربية، ومن هنا يجب أن نعترف بالدور المهم الذي تلعبه عوامل التربية في إحداث أو عدم إحداث المرض النفسي. وكما ذكرنا يجب على الأسرة الاعتدال في أسلوب التربية المرنة بعيداً عن القسوة أو التدليل والدلع، وكذلك المساواة في المعاملة بين الأبناء، وعدم الخناقات وإبراز المشاكل الأسرية أمام الأطفال، يجب على الآباء أن يكونوا القدوة الحسنة والمثل الأعلى في الأخلاق الفاضلة وتنشئة الطفل على مكارم الأخلاق وحسن الطباع والمبادئ الدينية والقيم والمثل السوية من أمانة وصدق ووفاء وتضحية وتأدية الفرائض الدينية من صلاة وصيام، وما إلى ذلك من سلوكيات إيجابية والابتعاد عن السلوكيات السيئة من خلال التشجيع أو اللوم والعتاب، وكذلك النصح والتوجيه الدائم مع مراعاة إعطاء الطفل قدراً من الحرية وعدم إحاطته بحماية زائدة أو إهمال وتجاهل له، يجب أن يأخذ الطفل قدره الكافي من الحب والحنان والدفء الأسري والتوافق والتفاهم والتعاون المستمر بين الأبوين في إدارة شئون الطفل على كافة المحاور، كما يجب ابتعاد باقي الأهل كالأجداد عن تربية الأحفاد وترك أمورهم التربوية لآبائهم؛ لأن تدخلهم قد يؤدي لبعض الاضطرابات السلوكية، كما ننصح أيضاً بعدم ترك أمور تربية الأطفال للخادمات أو تركهم في الحضانات دون رعاية أو أي اهتمام أو متابعة أو حتى إحساسه بالحب والدفء والعواطف الأسرية، وبالطبع تأثير أولئك الخادمات على سلوكيات هؤلاء الأطفال ومدى ارتباط الطفل وتعلقه بمن يرعاه والتأثر بسلوكياتهم وطبائعهم والانعكاسات السلبية لذلك من افتقاد مقومات التربية السليمة والسوية التي يحتاجها الطفل من الأبوين لأنها بداية تكوين ركائز ومقومات الشخصية والاستقرار النفسي في المستقبل، إن أسس التربية الصحيحة ليس مجالاً للفهلوة، وترك الأمور تسير بمنطق معكوس في نواح كثيرة والتي ستؤثر حتماً على الاستقرار النفسي للطفل، وبالتالي حدوث الاضطرابات النفسية والسلوكية التي ستجعله يعاني معظم حياته فيما بعد وينطبق المثل القائل (هذا ما جناه علي أبي).
* كيف يتعرَّف أو يستدل الأهل على وجود اضطراب نفسي لدى الطفل؟ وكيف يتمكن الطبيب النفسي من التشخيص الدقيق للحالة؟
- من القواعد الطبية الأساسية المعروفة عموماً أن أي مرض (سواء عضويا أو نفسيا) يتحدد بمجموعة من الأعراض (Symptoms) التي يشتكي منها المريض (أو من يرعاه) مقرونة بعلامات مرضية (Signs) يكتشفها الطبيب بالفحص الإكلينيكي مع الاستعانة ببعض الفحوصات الطبية، مثل التحاليل والأشعة وخلافه التي يعتمد عليها الطبيب في تشخيص وعلاج المرض، ولأن الطفل غالباً لا يستطيع التعبير عن آلامه ومعاناته المرضية، وبالتالي يصعب تحديد الشكوى والأعراض المرضية التي يعاني منها وخصوصاً الاضطرابات النفسية والعصبية ومن هنا يقع العبء الأكبر على الأهل من خلال ملاحظة واكتشاف التغيرات السلوكية والعصبية لدى الطفل سواء بدأت منذ الولادة أو استجدت عليه بعد فترة من الحالة النفسية والعصبية الطبيعية، وبالتالي فإن أي اضطراب نفسي لدى الطفل يجعله يبدو غير طبيعي من الناحية العقلية أو النفسية والسلوكية، وذلك يؤثر على قدراته العقلية وحالة الاستقرار النفسي والعصبي التي تنعكس بصورة سلبية على جوانب كثيرة من سلوكيات الطفل واكتسابه المهارات العقلية وانسجامه النفسي مع الآخرين، والتي تؤدي لتغيرات غير طبيعية من حيث التعلم والفهم والاستيعاب والتواصل والتعامل مع الآخرين، وكذلك اضطراب النوم والأكل والكلام والمشي والتحكم في الإخراج وما إلى ذلك من التغيرات المرضية التي سبق ذكرها والتي يجب على الأهل ملاحظتها وتحديدها واللجوء للطبيب النفسي ومساعدته بإعطائه صورة كاملة ووافية عن أي تغيرات في سلوك وتصرفات الطفل التي تساعد كثيراً في تشخيص حالة الطفل المرضية.
ولكي يتمكن الطبيب من تشخيص حالة الاضطراب النفسي على الطفل فإنه يعتمد على عدة مصادر التي تمده بالمعلومات الوافية من تغيرات سلوكية وأعراض غير طبيعية وملاحظات الأهل لتلك التغيرات النفسية والعصبية مع الفحص الطبي النفسي الإكلينيكي للطفل وكذلك الاختبارات النفسية المقننة مثل اختبار الذكاء، وكذلك عمل بعض الفحوصات المطلوبة التي تساعد في تشخيص المرض مثل الأشعة المقطعية أو أشعة الرنين المغناطيسي على المخ (Brain CAT , MRI) التي تساعد في توضيح الحالة التركيبية (العضوية) للمخ من ضمور وخلافه أو بعمل رسم تخطيطي لكهرباء المخ (EEG) والتي توضح الحالة الوظيفية لنشاط المخ من حيث الزيادة أو النقصان أو وجود بؤرة نشاط غير طبيعية، وكذلك أيضاً بعض التحاليل والفحوصات الأخرى من هرمونات ووظائف الأعضاء التي قد تؤِّثر في الحالة النفسية والعصبية للطفل، وبالطبع بمساعدة كل هذه الأمور يتم التشخيص الدقيق للحالة المرضية التي يعاني منها الطفل، وبالتالي يتسنى العلاج النفسي على أسس سليمة لتكون الاستفادة أفضل.
* قبل أن نتكلم عن علاج الأمراض النفسية أليس من الأفضل الوقاية من الأمراض النفسية فكيف يمكن ذلك؟
- بالطبع الوقاية خير من العلاج، لذا فإنه من الأفضل - قدر المستطاع - تجنب حدوث الاضطراب النفسي لدى الطفل من خلال تفادي الأسباب والعوامل سابقة الذكر مثل الإقلال من زواج الأقارب، وتخير شريك الحياة بصورة أفضل، وعمل الفحوصات الوراثية، واختبار الجينات قبل الزواج، وكذلك ابتعاد الأم الحامل عن تعاطي الأدوية أثناء الحمل أو التعرض للأشعة، ومتابعة الحمل والولادة بطريقة طبية سليمة وإجراء التطعيمات اللازمة للطفل في مواعيدها وبإشراف أطباء الأطفال واللجوء إليهم عند حدوث أي مشكلات صحية من نزلات برد أو نزلات معوية التي قد تؤدي لمضاعفات - لا قدر الله - بالجهاز العصبي للطفل وبالتالي نمنع حدوث الاضطرابات النفسية والعصبية فيما بعد، كما يجب الاهتمام بالتغذية الصحية المتوازنة للطفل التي تحميه من المضاعفات الصحية والعصبية، مع اتباع أساليب التربية الصحيحة والترابط الأسري والعلاقات الأسرية والاجتماعية السوية، كل هذه الأمور غالباً ما تساعد في الوقاية من حدوث الاضطرابات النفسية والعصبية لدى الأطفال... بإذن الله.
* في أحيان كثيرة لا بد من العلاج النفسي للطفل، لكن هناك جوانب كثيرة متعلقة بذلك... نرجو التوضيح؟
- بالطبع تدور في الأذهان أسئلة واستفسارات كثيرة بخصوص علاج الأطفال نفسياً، من تلك الاضطرابات أو الأمراض النفسية مثل مدى حتمية العلاج واحتياج الطفل له ومدى استفادته منه بإمكانية الشفاء أو التحسن، وكذلك نوعية وكيفية هذا العلاج وإيجابياته وسلبياته ومدة العلاج التي يحتاجها الطفل وما إلى ذلك من كل هذه الأمور i وبالتالي وجب علينا أن نريح الجميع ونوضح كل تلك الأمور. عموماً يعتبر أي علاج طبي لأي مرض من الأمور التي لا يتقبلها عامة الناس، لكن ما باليد حيلة إنها الظروف التي تضطر المريض للذهاب للطبيب، وكذلك الطبيب لاستعمال الأدوية أو المناظير والجراحات أو أي وسيلة أخرى علاجية حتى يتم شفاء المريض أو على الأقل تحسٌّن حالة المريض والتقليل من معاناته المرضية، والمرض النفسي كذلك؛ فالذهاب للطبيب النفسي من الأمور الصعبة على الناس وخصوصاً لو كان طلب العلاج النفسي لطفل صغير مما قد يجعل الأهل ربما يرفضون فكرة الذهاب للطبيب النفسي وأخذ العلاج النفسي لطفلهم، وهذا لاعتقادات شعبية خاطئة في أذهان الناس وخصوصاً المجتمعات الشرقية، حيث يمثل العلاج النفسي أو الذهاب للطبيب النفسي وصمة عار للأهل واعتقاداً منهم بأن الأدوية النفسية أشبه بالمخدرات التي قد تسبب إدمان المريض أو ربما عدم تيقن الأهل من استفادة الطفل من العلاج النفسي i ومن هنا أحب أن أقدم هذه النصيحة لإخواننا جميعاً بأن العلاج النفسي ليس كله أدوية كيميائية، فهناك وسائل أخرى أهمها الجلسات النفسية (الكلامية) التي قد تكون سلوكية أو إرشادية وحتى على افتراض أخذ الأدوية النفسية فهي مثل باقي الأدوية لا تسبب الإدمان كما يعتقد البعض فهي مثل أدوية الضغط والسكر والروماتيزم وتباع وتشترى من الصيدليات وليس من تجار المخدرات، ولكن؛ ولأن في كل فروع الطب توجد أمراض مزمنة وأمراض قابلة للشفاء أو التحسن فقد يحتاج مريض السكر أو الضغط الاستمرار على هذه الأدوية لفترة طويلة فهل هذا يعني أنه أصبح مدمناً على الأدوية، وقياساً على ذلك فقد يعتقد البعض أن المريض النفسي أدمن على العلاج النفسي ولكن طبيعة المرض هي التي تحتاج الاستمرار على العلاج وإلا انتكست الحالة النفسية.. عموماً إن الاضطرابات النفسية عند الأطفال غالباً تحتاج للعلاج النفسي لأن الاستفادة منه أكثر من آثاره السلبية، وليس هناك داع للتباطؤ في العلاج؛ لأن البعض يعتقد أن هذا الطفل صغير ولا يتحمل العلاج النفسي، ولهذا يعتقد أنه من الأفضل ترك الأمور على ما هي عليه حتى يكبر الطفل ويتحسن المرض من تلقاء نفسه مع البلوغ، وهذا الاعتقاد قد يظلم الطفل ويضيع عليه فرصة علاج ناجحة بإذن الله تجعله يتحسن ويستقر نفسياً في وقت مبكر بدلاً من تركه تزداد حالته سوءاً أو يتدهور اجتماعياً ونفسياً ودراسياً، عموماً وكقاعدة أساسية في الطب نحن نريد للمريض أفضل وضع صحي والشفاء أو التحسن أو حتى عدم التحسن كلها أمور بيد الله، ولكن المهم أن نلجأ للطبيب ليتم التشخيص الدقيق ووضع التصور الأفضل للعلاج ومدى الاستفادة منه ونوعية العلاج ومدته التي يحتاجها الطفل وكل الأمور المتعلقة بالبرنامج العلاجي الخاص بكل مريض على حدة حسب الحالة وشدتها، وأنا أعتقد أنه من الأفضل للأهل اللجوء للطبيب النفسي لتتضح الصورة أمامهم كاملة، وللأمانة فكل الأطباء يبذلون قصارى جهدهم في التشخيص الدقيق وإعطاء العلاج المناسب لكل مريض امتثالاً لآداب وأخلاق مهنة الطب التي ترفع المعاناة عن المريض ومساعدته بغض النظر عن عوامل أخرى، ولذا يجب أن تكون هناك ثقة كاملة في الطبيب المعالج لأنه أقسم دائماً ويريد المصلحة والمنفعة للمريض، ويتمنى من الله أن ينعم على جميع مرضاه بالشفاء على يديه.
وأخيراً أهمس في أذن الأهل، دعكم من هذه المتاهات والمهاترات والأسئلة والمناقشات وسماع رأي غير المتخصصين، ولا تتركوا طفلكم يعاني جسدياً أو نفسياً الجؤوا للطبيب حتى يساعدكم - بإذن الله - في شفاء طفلكم أو على الأقل التخفيف من معاناته المرضية حتى تعود البسمة والسعادة والاستقرار للأسرة كلها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved