تعز فلا إلفين بالعيش متعا
ولكن لوراد المنون تتابعا |
في اليوم السادس من العشر الأوائل من شهر رمضان المبارك غادر الحياة الدنيا إلى الباقية ناصر بن محمد المهوس أحد موظفي المتوسطة والثانوية بحريملاء، وفي يوم 28 من الشهر نفسه لحق به زميله سليمان بن محمد الحسين وكلاهما زميلاي في العمل طيلة ثلاثين عاما بل تزيد..
ثلاثون عاماً قد تولت كأنها
حلومٌ تقضت أو بروقُ خواطفُ |
وكانا يعملان معاً في نفس المدرسة بكل جد وإخلاص في جو يسوده الود والتعاون، والمواظبة في أداء عملهما، فكان لنبأ وفاة ابي عبدالله سليمان وقع مؤلم في نفسي حرك شريط الذكريات الجميلة معه في داخل المدرسة وخارجها حينما انتدب لرئاسة كثير من لجان الاختبارات خارج حريملاء بمدينة الرياض وبعض البلدان مثل مدينة القويعية، وضرما، وثادق، والبرة، وملهم.. الخ. وكان خير معين لي في حراسة الاسئلة، والقيام بما يلزمنا.. وعمله بالمدرسة معقباً ومندوباً لجلب رواتب الموظفين ومكافأة الطلبة المغتربين لدينا - آنذاك - ومع ذلك كان يتمتع بالحكمة والرأي الصائب، والحرص على تطوير البلاد ووجود الخدمات العامة التي تفيد المواطن والمقيم معا.. يقول: ألحوا في الطلب على المسؤولين في أجهزة الدولة - والدولة أعزها الله تفرح بذلك - والكلام موجه للجنة الاهلية بحريملاء التي حققت مشكورة المطالب الكثيرة من المشاريع الهامة مما جعل محافظة حريملاء تقف في مصاف المدن.. ولسان حاله - رحمه الله - يتمثل بقول الشاعر:
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته
ومدمن القرع للأبواب أن يلجا |
ومن صفاته الحميدة الكرم ؛ فبابه مفتوح لمن يؤمه بدون اشعار الضيف أو الزائر بالكلفة، فهو يقدم باستمرار ما تيسر من طعام وقهوة في كل وقت ويؤنس الحضور بالأحاديث والقصص الشيقة وبالقصائد الهادفة التي تحث على الآداب ومكارم الأخلاق فهو راوية للأشعار، فمجلسه لا يمل ولا يضيق بصاحبه.. محبوب لدى مجتمعه وأسرته يحل مشاكلهم ويصلح ذات البين، وأذكر على سبيل المثال انه قد طلب مني أكثر من مرة الذهاب معه الى احدى البلدان لأجل التوسط باعادة امرأة الى عش الزوجية بأسلوبه الجميل، وبرأيه السديد المقنع للطرفين، فحمدنا الله على تحقيق ذلك، وغيره من أعماله المحمودة، وبعد أن قضى شطراً من حياته الوظيفية بالمدرسة انتقل الى امارة حريملاء رئيسا للخويا بها، فذكرياتي معه ومع جميع الزملاء والمعارف في العمل والدراسة باقية تتزاحم في خاطري، استعرضها حينما أخلو بنفسي حامداً لله أنها ذكريات صداقة ومحبة لم يشبها كدر ولا منغصات بل إنها تروي عروق فؤادي، وتمنح النفس بهجة وسرورا، فغيابه سيحدث فجوة واسعة في محيطه الاسري إذ هو عميدهم، وشفاعته لا ترد أبدا، ونحن على يقين ان أبناءه البررة سيحذون حذوه ولم يألوا جهداً في السير على نهجه واكرام صديقه ومعارفه مع احترام صغيرهم لكبيرهم وعطف كبيرهم على صغيرهم، رحمك الله أبا عبدالله وألهم ذويك ومحبيك الصبر والسلوان..
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
|