ومن المؤسف أن نجد لناعق من يؤيده على غير علم، وهذا نصر لظالم، ولكن ليس بصده عن ظلمه، وإنما بتأييده فيما أقدم عليه، وتظل مقولة -حرية الرأي- بريقاً يمارس في مزايدات لا خير فيها، حتى يوشك الظالمون لأنفسهم ولغيرهم أن يتذرعوا بالمعنى دون المبنى والنتائج كيفما كان حالها، باسم شيء يقال له حرية الرأي حتى لو كان باطلا، وفي موازين القيم والعدل والحق، أن الباطل لا يدعم بباطل، وإلا فسلام على عقول السادرين والجارين في تيار لا يقضي إلا إلى بوار.!
* وقد نعجب حين نرى أستاذاً جامعياً أو أكثر يؤيدون الشباشي ويدافعون عنه، وهذا التأييد يأتي من رجل في قسم اللغة العربية، وكان ينبغي أن يقول له: على رسلك، فأنت تتحدث عن شيء ليس من اختصاصك ودع هذه القضية لأهلها، ومن المؤسف أن الذين يدعون إلى تطوير اللغة العربية في الماضي والحاضر لا يقدمون حلولا، وهذا يعني أن دعواهم لا تجد صدى ولا استجابة، لأن لغتنا مكتملة تامة، ليست في حاجة إلى زيادة أو نقصان، لأن الذين قعّدوها علماء مخلصون عشاق لهذه اللغة الجميلة الشاعرة!
* والذين يتعاملون مع العربية من كتاب أمثال الشوباشي، لا يحتاجون إلا إلى أقل القليل من الزاد النحوي، كالأسماء والأفعال والصفة والحال والتمييز وحروف الجر وهكذا، لكي يكتبوا ويتحدثوا، أما العربية كدراسة في العمق، فهي للمتخصصين فيها، والسيد شريف غير معني بهذه القضية، ولعل الفضول والفراغ، ومبدأ خالف تُعرف زج بهذا الرجل إلى فضول دفعه إلى تجديد إثارة زوبعة لا تفضي إلا إلى هزيمة محققة!
* ونحن لا ننكر أن لغتنا ضعفت عند طلابنا وطالباتنا وعند مدرسيها في بلادنا وفي مصر وفي غيرها من الوطن العربي، لأنا لم نعرها ما تستحق من عناية، سواء من حيث من يعلمها أو المناهج العرج التي ألقى بها غير أهلها، وأعني المتخصصين في التقعيد والشروحات، اللغة مظلومة والظالم لها نحن، وهذا قصور وتفريط.. ومن المؤسف أن نجد أساتذة جامعيين يتقنون لغات أجنبية، ولكنهم لا يجيدون لغتهم الأم، ومع ذلك فلا حرج عليهم ولا جناح، فمن المقصر والمسؤول: اللغة الكيان والروح أم نحن!؟
* ورأيت في كثير من الملتقيات الثقافية، أن كثيراً من المشاركين لا يتحدثون الفصحى، وإنما هم يلقون بجمل بالعامية أو ما تسمى الدارجة، وكلمات وجمل بالفصحى، إذاً أهل اللغة هم المفرطون ويستحقون اللوم.. إن الأمة التي تفرط في أمجادها ومنها لغتها السامية كعربيتنا، أمة سادرة خاملة بل عاجزة والعيب فيها، مثل الذين يعيبون الزمان!
* وسيادة الأستاذ الشباشي يقول رداً على من نقده: (لست عالماً لغوياً وبالتالي أقول إن على مجامع اللغة العربية الخمسة أن تعقد اجتماعاً أو مؤتمراً ليقوموا بتطوير اللغة أو يضعوا تصوراتهم حول تطويرها).. وهذا كلام رجل بعيد عن الواقع، فمجامع اللغة العربية انتهت، ولم تعد كما كانت قبل نصف قرن، فقد غزاها غير أهلها، وأصبحت تاريخا، فنقول كانت، وحتى في أيامها الجميلة، كان فيها أنماط من غير أهلها، لكن تأثيرهم ليس له صدى، أما الآن فقد انتهت تلك المجامع، لأن الأعلام الذين كانوا فيها قد قضوا، فهي اليوم خالية من القيمة وليس لها إلا أسماؤها وكفى!
|