مما يُروى عن عائشة رضي الله عنها أنها رأت امرأة تلبس ثوباً فيه تصليب، ومعنى (فيه تصليب): أن فيه إشارة الصليب التي هي علامة الديانة النصرانية المحرَّفة عن الدين الذي جاء به نبي الله عيسى عليه السلام، فلما رأت عائشة ذلك الثوب المصلَّب، أمرت المرأة بأن تخلع ذلك الثوب، وقالت لها: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم نهى عنه.
ليس الصليب شعاراً للدين المسيحي الذي جاء به عيسى عليه السلام من عند الله، فإنَّ الأنبياء جميعاً جاؤوا بدين الإسلام: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}، وإنما هو شعار للنصرانيَّة المتعصِّبة التي حرَّفت دين المسيح وألحقت به ما ليس فيه.
حينما يرتفع الصليب على ظهور دبَّابات تقاتل في بلدٍ مسلم فمعنى ذلك أن المعركة تأخذ شكلها الطبيعي الذي لم يكن المحتلُّ الغربيُّ يعترف به، بل كان يواريه تحت مناصرة الضعفاء، ومحاربة الإرهاب، وتحقيق الديمقراطية، والدفاع عن حقوق الإنسان.
وكأنني بهذا الصليب الذي يتبختر أمام عدسات تصوير الإعلاميين يقول بلسان حاله: أذكِّركم بتلك الكلمة التي قالها رئيس دولة عظمى قبل أكثر من عامين حين قال: (إنها امتداد للحروب الصليِّبية)، صحيح أنَّ ناطقاً رسمياً قد نفى ذلك في حينه، مؤكِّداً أنها زلَّة لسان غير مقصودة، ولكنَّ سير المعركة على مدى السنتين الماضيتين يُوحي بأن تلك الكلمة لها معناها عندما قيلت وأن الاعتذار منها كان من باب التغطية السياسية.
ونحن منذ سنوات طويلة ندرك من خلال نصوص القرآن، وواقع الحال أن الحرب في فلسطين حرب دينية، وأن اليهود يفعلون ما يفعلون ديناً، قبل أن يكون سياسة، وكذلك جميع الحروب سواء أكانت عسكرية أم إعلامية أم فكرية التي تجري بين المسلمين وغيرهم إنما هي حروب دينية، ترتدي للتمويه من قبل الآخرين رداء المصالح الاقتصادية والسياسية.
إنَّ ذلك الصليب المعلَّق على فوَّهة مدفع تلك الدبَّابة يصرخ بصوته الأَجَشّ قائلاً: أنا هنا لأقوم بما يوجبه عليَّ معتقدي وديني الذي أحمله في قلبي، وإن كنت لا أطبِّقه في واقع حياتي.
هنا تصبح المسألة ذاتَ بُعْدٍ آخر، وهنا تتهاوى كلُّ دعاوى العّلْمنة (اللا دينية)، وأبواق الحرية الدينية، ويقف الواقع المشاهد مؤكِّداً خطورة الأمر، ودخول قضية الاحتلال الجديد في خنادق مظلمة لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى إلى أين ستقود العالم.
نحن نؤيِّد الدعوة إلى التفاهم وحفظ الحقوق، وصيانتها، وحقن دماء الأبرياء، وتحقيق السلام العادل في بلدان العالم، ولكنَّ النجمة السداسية والصليب يؤكِّدان - يوماً بعد يوم - أنَّ الأمر على غير ما يظنُّ الغافلون.
ونحن نقول: اللّهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم.
إشارة:
نسعى وننذر قومنا، وإلهنا
يقضي، ويكتب ما يشاء ويفعل |
|