* الطائف - عليان آل سعدان:
تميزت محافظة الطائف بحكم موقعها الاستراتيجي، وجوارها لمدينة مكة المكرمة، وجوها المعتدل صيفاً وشتاء ، وحدائقها ومتنزهاتها ومناظرها الجميلة وطبيعتها الساحرة وتاريخها العريقة وعاداتها وتقاليدها الأصلية في كل المجالات، وفي عيد الفطر إحدى المناسبات الإسلامية الهامة التي يبتهج ويفرح به كل المسلمين في بقاع الأرض.. وقبل أيام قليلة من هذه المناسبة السعيدة يكون أهالي محافظة الطائف قد اكملوا كل استعداداتهم لعيد الفطر بدءا بكثير من التحسينات خارج وداخل المنازل لإضافة روعة جميلة للمناسبة التي اقترب موعدها للتعبيرعن الفرحة الكبرى باكمال شهر الصوم ولقاء الأهل والاقارب والاصدقاء وتبادل الزيارات والتهاني بعيد الفطر والخروج للحدائق والمتنزهات في الهواء الطلق الذي ينطلق فيه أطفال الطائف معبرين عن فرحتهم الكبرى واطلاق الألعاب النارية في الفضاء الواسع .
***
الاستاذ عبدالله الماضي الربيعان وكيل محافظة الطائف والأديب المعروف ورئيس لجنة الشعر الشعبي في المحافظة كان ضيف الجزيرة هذا العام بمناسبة عيد الفطر فقد قارن الأستاذ الماضي بين مباهج العيد القديمة ومراسمه الحالية فأكد من وجهة نظره أنه من المستحيل جداً أن نجد في الزمان القديم الشيء الكثير في هذا الزمن اللهم إلا اشياء قليلة لا يزال الناس يحتفظون ويحافظون عليها وهذا بدون شك شيء مؤسف للغاية إن نفقد عادات وتقاليد هامة جداً نؤديها اذا لزم الأمر من باب المجاملة.. علينا فعلاً أن نعيد لابنائنا وأحفادنا واجيالنا القادمة تلك العادات القديمة التي بدأ بعضها يختفي في مناسبة هامة مثل هذه المناسبة (عيد الفطر) ونحافظ عليها ونتوارثها جيل عن جيل حتى لا تنتهي وتصبح شيئاً منسياً.. فالعيد ليس مجرد فرحة نقتصرها بالدرجة الأولى على الأطفال كما نشاهد ذلك اليوم.
إن مناسبة عيد الفطر في محافظة الطائف زمان كانت تآخيا وتآلفا قويا بين المواطنين بصورة عامة.. يندفع البعض تلقائياً من نفسه للقيام بالواجب الذي تقتضيه هذه المناسبة السعيدة بزيارة القريب والبعيد وهكذا تتبادل الزيارات تلقائياً بين العوائل والأسر في صورة رائعة من أروع صور التآلف والتآخي بين أبناء هذه المحافظة .. كنت من الذين شاهدوا مثل هذه الصور التي نتمنى عودتها نظراً لما تمثله هذه الصورة من روعة جميلة تعبر عن المعاني الحقيقية لمناسبة عيد الفطر وفرحته.. وهذا ما نأمله من اخواننا وآبائنا الكبار في توجيه الأبناء والأحفاد في البيت والمدرسة للمحافظة على كل عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة التي فقدنا بعضها وأصبح منقرضاً تماماً ولم نعد نشاهد شيئا منه، وهذا بدون شك مؤشر خطير يهدد مستقبلنا،ويعمل على انقراض عادات وتقاليد اخرى لا تزال موجودة اليوم.. هذا ما أردت أن اقوله للقراء في مقدمة كلامي عن مناسبة عيد الفطر في محافظة الطائف التي تتميز بعادات وتقاليد أصيلة منذ عراقة تاريخها القديم.
الطائف قديماً
والطائف كما يعرف الجميع قبل التوحيد لهذه البلاد كانت عبارة عن سور بداخله العديد من المنازل والأحياء السكنية.. بيوتها طين وأحياؤها مجموعة بيوت وشوارعها أزقة صغيرة 90% من هذه المناطق السكنية الموجودة حالياً كانت فضاء ومناطق جبلية، والقرى والهجر البعيدة عنها بمسافات قليلة في الجنوب والشمال والشرق والغرب منعزلة تماماً المسافر منهم إلى الطائف يودع أهله ويكتب وصيته.. إلىأن جاء اليوم التاريخي الهام في حياة هذه الأمة لينقل هذه المدينة من الواقع المؤلم الذي كانت عليه إلى واقع جديد شهدت يه محافظة الطائف تطوراً كبير وتمدد عمراني واسع تمثل في وضع الخدمات الأساسية في كل المجالات وفتحت المجال للمواطنين الذين كانوا يعيشون في مناطق معزولة عن الطائف إلى الاقامة في الطائف تحت لواء الدولة المباركة التي لمت شملهم ووحدت صفوفهم ومن هنا بدأ نبض الحياة في الطائف بكل المعاني والمقومات الهامة التي ساعدت على تحقيق ذلك وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والحياة الكريمة وأصبح لكل شيء طعمه وذوقه المميز في محافظة الطائف.
عيد الطائف
وتحدث الأستاذ عبدالله الماضي عن عادات أهل الطائف بالاستعداد للعيد فقال: كان أهالي الطائف يستعدون ويتهيؤون له قبل حلوله بأيام كثيرة البعض منهم منذ بداية اليوم الأول من شهر رمضان كان يستعد ليوم عيد الفطر وتلقائياً من أنفسهم كان أهالي الطائف يبدأون بأجراء التحسينات على منازلهم بلمسات فنية جميلة ورائعة تتناسب مع الطراز العمراني للطائف كما يزين الأهالي منازلهم وبيوتهم قبل عيد الفطر بالمفروشات الجميلة المصنعة محلياً ومطرزة بألوان مختلفة وجميلة ورائعة تعبر عن الفرحة بالعيد واستقبال المهنئين وتقوم ربة المنزل ليلة عيد الفطر وصباحه باشعال مداخن البخور برائحته الزكية في كل منزل استعداداً لاستقبال المهنئين بالعديد من الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران وتتبادل المعايدة بين أهالي محافظة الطائف في مثل هذه الأجواء الجميلة ووسط روائح العود والبخور الزكية في صورة أخرى رائعة تمثل قمة الحب والتآلف والتآخي بين أبناء مدينة الطائف كبيرهم وصغيرهم، فقيرهم وغنيهم للمعايدة على بعضهم البعض.. تلك المعايدة التي كان الأهالي يحرصون على القيام بها في البيوت والمنازل يشربون القهوة العربية ويتناولون التمر والحلويات المشهورة التي تصنع بكل شكل وكل لون في مثل هذه المناسبة الرجال مع بعضهم والنساء في جوانب أخرى من المنزل والأطفال يمرحون ويلعبون مع بعضهم في اطار عادات وتقاليد لها من المعاني والقيم السامية الشيء الكثير، تذوب معها أي خلافات عائلية من القلب إلى القلب لتصفوالقلوب وتطيب النفوس.
|