فجأة وبدون مقدمات تحل الانفلونزا ضيفاً ثقيلاً هذه الأيام وذلك بالاتفاق المعلن مع تقلبات الجو، والانفلونزا شأنها شأن أي طفيلي لا تتخير الوقت المناسب للزيارة فهي تهبط متى ما تشاء !!
صاحبنا (أبو انفلونزا) - دعونا نختار له هذا الاسم - كان يجوب الأسواق يميناً وشمالاً استعداداً للعيد السعيد، حيث انتهى للتو من مقاضي رمضان السنوية ولم تدعه مناسبة العيد من التقاط أنفاسه وكأن الأسواق قدر لا مفر منه !!
الانفلونزا هذه المرة لم تكتف بزيارته وحدها بل دعت معها ضيفاً أثقل ظلاً وهي الحمى. فاضطر صاحبنا إلى اللجوء إلى المفارش والحشايا على رأي الشاعر (المريض) المتنبي ولكن الحمى عافت كل الأغطية والمفارش وفضلت المبيت في عظام صاحبنا الذي حمل كل ما استطاع حمله من عظام وبقايا جسم مزقته الحرارة واتجه إلى أقرب مستوصف أهلي فلا وقت لديه للانتظار في زحمة المستشفيات الحكومية. ولم ينس صاحبنا أن يمر على الصراف الآلي استعداداً لطلبات المستوصفات الأهلية التي لا تنتهي - وكأن هذا المرض غريب على أعتى الأطباء وليس مجرد حمى وانفلونزا بسيطة !!
استقبل جسم صاحبنا ألوان الإبر والعقاقير وأشياء أخرى لا داعي لذكرها ذكّرته بأيام الصبا التي كان يكره فيها الذهاب للأطباء، ورقد صاحبنا في سبات عميق على السرير الأبيض - رغم أنه ليس أبيض -، تحت الأغطية وجاء العيد وتفرق الأصحاب والخلان وهو وحيد لا صاحب له إلا المضادات والعقاقير !!
صعب جداً على المرء أن يمرض هذه الأيام رغم علمنا أن هذا قدر الله لا اختيار للإنسان فيه، ولكن المرض في أيام العيد يصيب الإنسان بحالة نفسية سيئة لأنه يتمنى أن يعيش هذه الأيام بحلوها وذكرياتها السعيدة، وإذا كان المرض بسيطاً مثل الانفلونزا هذا حاله - فكيف بالله حالة من أعياه المرض سنين طويلة واتخذ من الأسرّة البيضاء صديقاً دائماً ؟!
فعلاً لقد أحسن المسؤولون في المناطق حينما زاروا المرضى أيام العيد، ولكن هل نحسن نحن حينما نتجاهل قريباً أو صديقاً أو زميلاً أو جاراً يرقد على السرير الأبيض هذه الأيام ؟!!
|