نتذكر دائما المغني.. ونصفق له حتى تحمر أكفنا. وتلتهب حناجرنا ثناء عليه ويبقى ذلك المسكين.. الملحن قابعاً خلف الكواليس.. ثمة ضوء خافت يطل عليه ثم لا يلبث أن ينطفئ تدريجيا.. ذلك عندما تحظى أحد ألحانه بتشريف مقام مسرح التلفزيون. وعمر كدرس من أعرق الملحنين في بلادنا.. ومن أكثرهم خبرة.. وأجودهم إنتاجا عرفناه ملحنا لأشهر الفنانين في بلادنا وغير بلادنا، أمثال طلال مداح ومحمد عبده.. وهيام يونس. وابتسام لطفي.. وغيرهم من الفنانين.. إنه ملحن.. في الطريق، ومقبول، ومحقق يا سارية.. هذه الأغنية القلة يكفي ذكرها للتدليل على مكانة عمر كدرس. كملحن بارز أعطى للأنية السعودية فيضا من مشاعره وإحساساته، أضفى على الأغنية السعودية لونا فريدا يمتاز بالأصالة.. وحسن التصوير مما اجتذب العديد من الملحنين العرب إليها.. ولما تتمتع به من قوة في اللحن، وجزالة في التنسيق. وما نحن بصدده في هذا الموضوع.. هومعرفة أسباب انقطاع الملحن عمر كدرس وما هي أسرار ابتعاده عن الجو الفني.. خاصة وأن هذا الفنان لا نخاله من أولئك الذين يعيشون على أطلال ماضيهم وماضيهم فقط.. إننا لفي أمس الحاجة الى جهود ملحن كعمر كدرس لأصالة ألحانه التي تعودنا من قبل على سماعها.. وشنفت مسامعنا بتلك العذوبة التي تتجسد في (مقبول) وبالرقة المتمثلة في (يا سارية) خاصة، وأن التلحين أصبح (موضة).. مجرد (موضة) فمن يغني يلحن. وقد يكاد يؤلف، والعديد من المواهب الشابة تتعثر في مسيرتها الفنية بحثا عن الملحن المتمكن.. ممن تئن موازيره بالآهات تارة وتتناغم كأحلام جذلى تارة أخرى.
نريد توأما (للسارية) ونريد شقيقات لمقبول، وفي الطريق، لكيلا تتلاشى عن أذهاننا روح عمر الفنية.. ولكيلا يكون هو شحيحا على فنه لهذه الدرجة التي تشبه الجحود.. فإلى الملحن القدير نسوق هذه الأسطر علها توقد في نفسه من جديد حب الفن للفن والحياة.
|