في مثل هذا اليوم من عام 1975وقعت المملكة المغربية وموريتانيا وإسبانية معاهدة ثلاثية بشأن مستقبل الصحراء الغربية التي كانت تحتلها إسبانيا في ذلك الوقت تخلت بموجبه إسبانيا عن إدارة الصحراء الغربية لصالح الدولتين فيما عرف باسم معاهدة مدريد. ولكن الجزائر المجاورة سارعت برفض هذه المعاهدة في الوقت الذي أعلنت فيه حركة تحرير الصحراء الغربية المعروفة باسم جبهة البوليساريو قيام الجمهورية الصحراوية المستقلة وهو ما لم تعترف به المغرب ولا موريتانيا. ومنذ ذلك الوقت اشتعل الصراع المسلح أحيانا والسياسي أحيانا أخرى بين المملكة المغربية التي تدعي سيادتها على الصحراء وبين جبهة البوليساريو التي تطالب بدولة مستقلة فيها.وفي العاشر من مايو - أيار سنة 1973 تأسست الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) لتبدأ العمل العسكري بعد عشرة أيام من تأسيسها, مما دفع الإسبان إلى الإعلان في السنة الموالية عن عزمهم على تنظيم استفتاء لتقرير المصير في الصحراء خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 1975وبالفعل فقد شرعت مدريد في ترتيب البيت الصحراوي ما بعد إسبانيا من خلال المفاوضات مع مختلف الأطراف بهدف التوصل إلى اتفاقات ثنائية تضمن مصالح الإسبان من جهة، وتبقي على فتيل قابل للاشتعال متى ما استدعت ملفات إسبانيا العالقة في المنطقة ذلك.وفي هذا الإطار أجرت الحكومة الأسبانية لقاءات في سبتمبر 1975 مع البوليساريو كان موضوعها الاستقلال ومستقبل العلاقات، لتعقد في الشهر الموالي مباشرة اتفاق مدريد مع المغرب وموريتانيا والذي تتخلى بموجبه عن إدارة الصحراء لصالح البلدين.وفي هذه الأثناء كانت الأطراف المطالبة بالصحراء تستعد لاقتطاف الثمرة اليانعة كل بطريقته، فالبوليساريو تكثف نضالها بنسف وتدمير محطات الحزام الناقل للفوسفات وتأجيج المظاهرات المطالبة بالاستقلال لتعم المدن الصحراوية، بينما اتجهت المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية التي أعطت في أكتوبر 1975 رأيا استشاريا حول طبيعة روابط البلدين مع المجموعة الصحراوية فسره كل طرف لصالحه.غير أن المغرب بادر بالإعلان عن تنظيم مسيرة خضراء إلى الصحراء في 16 أكتوبر 1975 أي في نفس اليوم الذي صدر فيه رأي محكمة لاهاي، الشيء الذي سرع بإتمام إسبانيا لانسحابها خلال يناير 1976 شهر الإعلان عن قيام الجمهورية العربية الصحراوية بمباركة ودعم من الجزائر التي أعلنت رفضها لاتفاق مدريد.وهكذا تحولت تصفية الاستعمار في الصحراء من حل لمشكلة الإقليم إلى تفجير لصراع محتدم بين الجيران الأشقاء.
|