أنا في (السماوةِ) ... لا أشكٌّ بما أرى
فَلَقَدْ رأيتُ بأَهلها قَسَماتي
سأصيحُ بالقلبِ الذليلِ: كفى الضنى
فاغلقْ كتابَ الحزنِ والنَكَباتِ
وأنامُ مقروراً يُوَسِّدني الهوى
ريشَ الأماني بعد طولِ أَناةِ
مَرَّتْ عليَّ من السنينَ عِجافُها
ومن الرياحِ الغاضباتِ عَواتي
أَلْقَتْ بأَشْرِعتي إلى حيثُ الندى
جمرٌ يُمرِّغُ باللظى زهراتي
يشكو لساني من جَفافِ بَيانِهِ
في الغُرْبَتَينِ فأَصَحَرَتْ غاباتي
وَحْشِيَّةٌ تلك الهمومُ ... وديعُها
أقسى على قلبي من الطَعَناتِ
أنا ياعراقُ حكايةٌ شرقيَّةٌ
خُطَّتْ على رَمْلٍ بِسَنِّ حَصاةِ
غَرَّبْتُ في أَقْصى الديارِ فَشَرَّقَتْ
روحي .. وَحَسْبُك مُنْتهى غاياتي
مولايَ: كم عصف الزمانُ بمَرْكبي
فَأَغَظْتُ مُزْبِدَ موجِهِ بِثَباتي
ناطَحْتُهُ .. وأنا الكسيحُ - فلم يَنَلْ
من حَزْمِ إيماني وَعَزْمِ قَناتي
واسَتْيتُ حرماني بكوني حَبَّةً
عربيةً من بَيْدَرِ المأساةِ
واللهِ ما خِلْتُ الحياةَ جَديرةً
بالعيشِ إلاّ هذه اللحظاتِ
واسْتَيْقَظ الزمن الجميلُ بمقلتي
من بعدِ أجيالٍ بِكَهْفِ سُباتِ
الله ! ما أحلى العراقَ وإنْ بَدا
مُتَقَرِّحَ الأنهارِ والواحاتِ
سامَحْتُ جلاّدي وكنتُ ظَنَنْتُني
سأنالُ منه بألفِ ألفِ أداةِ
وَطَرَدْتُ من قلبي الضَغيَنة مثلما
طَرَدَ الضياءُ جَحافلِ الظُلُماتِ
فَوَدَدْتُ لو أني غَرَسْتُ أضالعي
شَجَراً أُفيءُ بهِ دوربَ حُفاةِ
جَهِّزْ ليومي في رحابِكَ فُسْحَةً
وَحُفَيْرَةً لِغدي تَضمُّ رُفاتي
(أُفَّيشْ يا ريَحةْ هليْ وطيبَةْ هليْ
وكهوةْ هلي وشوفَةْ هلي لعلاتي)(2)