* عمان - رويترز:
ما زال الفلسطيني زهير الخطيب يتذكر كيف قال طالب الهندسة ياسر عرفات لأصدقائه قبل نصف قرن إنه يوما ما سيصبح زعيماً ثورياً يحارب من أجل حقوق شعبه.
وقال الخطيب (70 عاماً) صديق عرفات منذ الدراسة معا في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1957 (كان ياسر يقول لنا: إنه سيقود ثورة لتحرير فلسطين فيما لم يكن يتجاوز من العمر 27 عاماً، وكنا نضحك من كلامه).
وفي إشارة إلى طالب الهندسة البالغ النشاط الذي أصبح لاحقا رمزاً لآمال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة تابع الخطيب (كان عنده مشروع في رأسه، وكان يعرف ما يريد)، لقد استطاع عرفات قبل سنوات من إطلاق حركته الوطنية والتحول إلى زعيم ثوري أن يطور مهارات مكنته من البقاء على قيد الحياة في الأحراش السياسية بالشرق الأوسط وساعدته على الإفلات من نيران أعدائه في ساحات الحرب.
وقال الخطيب (كان ياسر في حالة حركة على الدوام لم يكن أحد منا يستطيع منافسته في قدرته على سرعة الحركة، كان عرفات شخصية مرحة إلا أن الجميع يعرفون انه كان يعمل بجد واجتهاد).
ولا ينسى محمد علي (68 عاماً) الاجتماعات السرية التي كان يعقدها عرفات المهندس الشاب مع الفلسطينيين من أبناء الطبقة الوسطى في الكويت عام 1962 في الأيام الأولى لحركة فتح التي مثلت تحت قيادته الحركة الوطنية الفلسطينية الأساسية.
وتابع علي أنه في وقت لاحق بعد حرب 1967 صار عرفات في حالة حركة دائبة عابراً الحدود بين سوريا والأردن والضفة الغربية حيث شكل وأدار سلسلة من خلايا المقاومة، وقال (لم يكن أحد يعرف شيئاً عنا. اعتدنا القيام بعمليات سرية، وقد كان عرفات يدخل في بعض الأحيان بجواز سفر صحيح تماما لكن باسم مزور، أو أنه كان يتسلل عبر الحدود، لقد كان يستغل كل السبل).
ووصف زيدان يغمور (58 عاماً) أحد الحراس الشخصيين لعرفات كيف ساعد عرفات في حفر القبور لنحو 97 من الفدائيين من رجاله الذين سقطوا في معركة مع قوات اسرائيلية غزت لفترة بلدة الكرامة على الحدود الأردنية في مارس آذار 1968.
وقال الرجل الذي حارب مع فتح (دفن عرفات شهداءنا وصلى عليهم وبكى من أجلهم)، واعتبر كثيرون المعركة التي خاضتها إسرائيل انتقاماً للعديد من الغارات التي شنتها المقاومة الفلسطينية على طول الحدود مع الأردن نصراً معنوياً لعرفات ودفع الآلاف من الشبان الفلسطينيين للانضمام إلى حركته، وبعد اشتباكات دموية مع الجيش الأردني في أوائل السبعينيات اضطر عرفات ورفاقه لمغادرة الأردن وانتقلوا إلى لبنان حيث كان يغمور إلى جانبه أثناء الغزو الاسرائيلي للبنان في 1982.
ويتذكر الحارس الخاص كيف أفلت عرفات.. بفضل ما يصفه أصدقاؤه بحاسة قوية تحميه من الخطر.. من العديد من محاولات إسرائيل لاغتياله بما في ذلك استخدام سيارات ملغومة.
وقال (كان عرفات ينام معظم الوقت في حطام السيارات القديمة للتضليل، لم يكن يحب البقاء في مكان واحد أو منزل واحد أو ملاذ واحد).
إلا أن أقوى ما يتذكره الحارث المخضرم عن عرفات هو شخصيته الإنسانية الآسرة. قال (كان عرفات الزعيم الوحيد الذي يستطيع إدراك مشاعر شعبه في لحظات الفرح والألم... هذا هو أبو عمار الذي يستطيع أن يمس مشاعر الجميع).
|