بتوجيهات جلالة الفيصل يعمل معالي وزير البترول والثروة المعدنية الشيخ أحمد زكي يماني مع مدير الشركة الأم (أرامكو) الممثلة لأربع شركات كبرى في العالم المستثمرة للبترول، لمعالجة طلب أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) عامة ودول الخليج بصفة خاصة بما في ذلك إيران والعراق المشاركة في الاستثمار.. وذلك في أسلوب هادئ ولكنه في معنى جاد. موحيا بالثقة في أن هذا المطلب جوهري في مستقبل العلاقات.. والحقيقة أن خير من يقود إلى هذه الرغبة وفي هذه الظروف بالذات جلالته، فقد كانت الشركات في الماضي ممتعضة بمطالبات صاخبة وأقوال متضاربة.. خشية من أن تكون بعض الدول خاضعة لنفوذ خارجي أو استفزاز سياسي.
أما أن يصدر هذا النداء من الفيصل المعظم فهو محل تقدير مجرد من العواطف وإنما بناؤه قائم على تنسيق منظم ومهذب بين دول (الأوبك) وموحد مع دول الخليج بصفة أوثق.
وإذا كانت بعض الدول المصدرة قد أمعنت في التفاؤل وتضخيم النسبة التي يجب أن تتم المشاركة على أساسها بأن حددتها بواقع واحد وخمسين في المائة بحيث لا يبقى للشركات المستثمرة سوى نسبة تسعة وأربعين في المائة.. ومع أن بعض دول الخليج قد حصرت نسبة طلبها المشاركة في عشرين بالمائة، إلا أن تصدي الفيصل لمعالجة هذه الرغبة مع الشركات سيحقق مستوى معتدلا لنسبة المشاركة في الاستثمار، ذلك لان الدول التي تنادي المملكة باسمها قادرة على الإنصاف تلقائيا بأن تدفع حصصها نقدا بحيث لا يضار حملة الأسهم التي ستنقل ملكيتها منهم لهذه الدول المصدرة.
ولا شك أن شركات الاستثمار وهي تنقاد إلى التجاوب لهذه المطالب سوف لا تتعرض قيمة أسهمها للهزات ولا إنتاجها لمشاكل التسويق في المستقبل بل سيزداد نموها ازدهاراً وثباتا أكثر.. لان دول التصدير ستعمل وكشريكة في الاستثمار على مقاومة الضغوط من أي اتجاه وبالتالي تفسح المجال اكثر فأكثر على تقدم الإنتاج وتوسيع مجال الامتيازات.
إن قيادة الفيصل لهذا المبدأ ستكون بداية لبناء علاقات أوثق بين الشركات الأجنبية ودول المشاركة، ولا ننسى في هذه المناسبة أن نشيد بالتعاون والتفاهم بين دول (الأوبك) .
فقد ساعد وجود هذه الرابطة على تحقيق خطوات فعالة من خلال التعاون بين أعضائها وتوافق اكثر في أقوالهم.
إن ذلك التوافق يعتبر نادراً، لان الدول عادة في تحالفها وتكتلها السياسي يكاد يستحيل عليها أن تنهج في مخطط موحد عند معالجتها للقضايا التي تعد بحلها، غير انه يبدو أن الروابط التي تبنى على أسس اقتصادية أكثر انسجاما من تلك التي يكون بناؤها سياسيا.
مقدرين في هذه المناسبة لجلالة الفيصل أعماله المجيدة ومواقفه الشجاعة الرائدة.. ولسوف يجني من مساعيه الخيرة في هذه الجولة المباركة كثير من أبناء شعوب الدول المصدرة للنفط، لا في البلاد العربية وحدها بل في بلدان متعددة أخرى في إفريقيا والشرق الأقصى وأمريكا الجنوبية.
فدعاء من الأعماق لجلالته بطول العمر والتأييد.
صالح السالم |