كثير من المرضى يتوهمون أنهم مصابون ببعض الأمراض، ويتألمون، ويكثرون الشكوى والتأوه، وعندما يفحصهم الأطباء يجدونهم أصحاء عضويا ولا تعاني أجهزتهم الجسمية المتعددة أي خلل، فيعلمون أن ذلك قد يكون سببه الوهم، ولذلك صنعوا حبوباً تسمى (بلاسيبو) مكونها الرئيس هو السكر، وتعطى هذه الحبوب لهذا النوع من المرضى، وتثبت الدراسات ان حوالي60% منهم لا يعودون للطبيب مرة أخرى، ويعقتدون أن تلك الحبوب قد قضت على آلامهم وأوجاعهم.
والوهم أحياناً يصاحب الإنسان في تصرفاته اليومية، فأحدهم كان ينام في مجلس عند أحد اصدقائه، وشعر بشيء من الحر، وشيء من الضيق فقرر ان يفتح النافذة، وفعلاً تحرك في الظلام وفتح بابين في الجدر، وتنفس الصعداء ونام نوماً عميقاً بعد ان زال توتره وضيقه وشعوره بالحر، ولكنه عندما استيقظ في الصباح وجد أنه فتح بابي الدولاب ولم يفتح النافذة! وأحدهم كان مع بعض أصدقائه وشعر بالصداع فطلب حبوباً لذلك، فأحضرت ومعها كأس من الماء، واثناء الحديث شرب الماء، وبعد مضي بعض الوقت حمد الله وقال لمن حوله: لقد كان هذا الصداع يؤلمني، ولكن هاتين الحبتين افادتا في إزالته، فقال أحدهم:
ولكنك لم تتناولهما وهاهما هنا..!! لقد أدى وهمه بأنه تناول الحبوب الى إزالة الألم كما أدى وهمه بفتح درفتي الدولاب وظن أنه فتح النافذة الى ازالة شعوره بالحر والضيق. وشخص ثالث كان يشكو ألما في بطنه، وازعج أسرته وأهله بكثرة الشكوى، فعرضوه على طبيب، وأجرى له فحوصات سليمة، ومؤشرات ايجابية، ولكنه لم ينقطع عن الشكوى واتهام اولئك الاطباء بعدم المعرفة وضعف الخبرة، وبعد ان تكررت العملية في عيادات مختلفة وتراكمت التقارير التي تفيد بسلامته من الامراض العضوية، أخذوه الى طبيب وعرضوا عليه جميع تلك التقارير مصحوبة بنتائج الفحوصات، فعلم ان مرضه وهم ولا يمكن ان يشفيه منه إلا وهم مماثل، فاتفق مع كبير اسرته على ان ينومه، وان يجري له عملية جراحية ظاهرية (وهمية)، وعندما دخل المستشفى أجريت له الفحوصات كالعادة، وقال له الطبيب: ان لديه ورماً حميداً يجب استئصاله بعملية بسيطة، وأدخل غرفة العمليات، وخدر تخديراً كاملاً، وجرح جرحاً ظاهرياً في بطنه ووضع الطبيب لحمة في محلول ووضعها عند رأسه في الغرفة، وقال لمن حوله:
عندما يستيقظ اخبروه بأننا اخرجنا هذه من بطنه، ويمكنه غدا ان يغادر المستشفى، وعندما استيقظ أخبروه بذلك، فتهلل وجهه، وانبسطت اساريره، وقال لمن حوله:
هذا هو الطبيب الذي يفهم عمله، ويملك الخبرة والدراية في الطب وليس اولئك الاطباء الجهلة الذين اخذتموني اليهم سابقاً، وخرج من المستشفى ولم يكرر الشكوى من ذلك المرض.
إن أمثال هذا الشخص كثيرون في الحياة، فمنهم من يتوهم الأعداء، ومنهم من يتوهم السحر، ومنهم من يتوهم المؤامرة ومنهم من يتوهم غير ذلك.
* فاكس 012283689 |