Thursday 11th November,200411732العددالخميس 28 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "سماء النجوم"

رغيف مصطفى أمين رغيف مصطفى أمين

حين سافر مصطفى أمين إلى أوروبا بالباخرة تغلب على دوار البحر.. ولكنه عجز عن التغلب عن حب الرغيف، ولم يستطع أن يترك عادته في جلب رغيف معه حين يدعى للمآدب مبالغة في الحيطة وبعد النظر..!!
فهو كثيراً ما استعان بهذا الرغيف في حالة انتهاء قطعة الخبز التي يضعها أمامه السفرجي ومساحة هذه القطعة عادة لا تزيد عن مساحة طابع البريد..!
وجرت العادة أن يأكل جزءاً من هذه القطعة ثم يترك الباقي ومن هنا كان الرغيف الاحتياطي ينقذ الموقف .
ولما ركب مصطفى أمين الباخرة لم يشأ أن يفكر في الخبز؛ لأنه كان حسن الظن أكثر مما يجب بقوة إرادته واستطاعته الإضراب عن تناول الخبز تنفيذاً لأوامر الريجيم..! ولولا ذلك لكانت ثلاثة أرباع الحقائب مملوءة بالخبز على اختلاف أنواعه.
وما أن جلس صاحبنا مع زملائه إلى مائدة الغداء وكانت شهيتهم مفتوحة بتأثير هواء البحر المنعش، فأكلوا أرغفة الخبز التي أمامهم قبل أن يتم الجرسون سؤاله عن طلبهم.
وأجابوا: نريد خبزاً..
وتكرر طلب الخبز عدة مرات حتى جاء قبطان الباخرة يقول :إن الباخرة مضطرة للوقوف في أول ميناء تمر به إما لتطلب مدداً من الخبز أو لينزل هؤلاء غير مأسوف عليهم..!
وحين أتى المساء، وكان صاحبنا يأمل طبقاً من السمك، إذا به يرى الباخرة تهتز ذات اليمين بشدة.. وذات اليسار بعنف، وإذا به والكرسي الذي يجلس عليه يتدحرجان.. وتناثرت الطاولات وسقط الركاب.. واضطر ضباط الباخرة أن يربطوا الجميع إلى الكراسي ويربطوا الكراسي في أرض الحجرة بسلاسل من نحاس.
أما الأطباق الصيني فقد استبدلت بأطباق ثقيلة تستطيع أن تثبت أمام العاصفة ولكنهم نسوا أن يحضروا أطعمة ثقيلة.. ذلك أنه كلما اهتزت الباخرة قفزت قطعة اللحم أو العيش على الأرض وتركت الأطباق بيضاء من غير سوء..!
كانت أيام صعبة لم يذق فيها طعم النوم والأحلام والأكل.. وهو لا يضرب عن تناول الطعام إلا لأمر جلل.. ولكنه تحمل هذه المصاعب بكل شجاعة وإقدام متعزياً بأن سلفه (كريستوف كولومبس) عندما اكتشف أمريكا لاقى ما يلاقيه.
وقد كان في طريقه إلى أوروبا ومنها إلى أمريكا.. وحين وصلها لم يلفت نظره التقدم الذي قيل عنها، بل بدت له مصر متقدمة عن أمريكا.. فعندما تكون الساعة في مصر العاشرة مساء تكون في أمريكا الساعة الثالثة ظهراً.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved