سعادة رئيس تحرير جريدة (الجزيرة) حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أطالع ما ينشر في هذه الصحيفة من موضوعات طيبة وصحية تتعلق بتلوث البيئة وأهمية نقاء الأجواء وضرورة توفر الهواء النقي الصحي، ففي هذا الزمن زادت ملوثات البيئة بسبب زيادة حركة الصناعة والزراعة والميكنة الآلية، وإدخال المواد الصناعية في الزراعة والصناعة.. وهي لا شك مواد ضارة بالبيئة وبالصحة العامة، فهدف هذه الأساليب مادي بحت.. هدفها الربح المادي بأقصر الطرق حتى ولو كان ذلك ضرراً على الإنسان.
وفي منطقة القصيم.. هذه المنطقة الخضراء في وسط نجد العليلة الأجواء في وسط كثبان رمال ذهبية وصحار رائعة ووديان خصبة، وبساتين زاهية خضراء من بساتين النخيل.. وحقول القمح والفواكه. هذه المنطقة المشهورة بمرابعها العليلة النسيم، كرامة، والخبيبة، والغميس، وعريق الدسم ووادي الرمة، والمصفر، والصريف، وعروق قبة، والشقيقة، هذه المرابع الرائعة بدأت ملوثات البيئة تغزوها شيئا فشيئا بعد أن غزت مدن المنطقة وقراها، بريدة، وعنيزة، والرس، والمذنب، والبكيرية، والبدائع، والأسياح، وعيون الجواء، وأوثال، ورياض الخبراء، والخبراء وغيرها.. هذه الملوثات بدأت شيئا فشيئا بدون أي رقيب تعديها الصارخ على البيئة وعلى الإنسان، هذه الملوثات التي جاءت بسبب جشع مادي بحت على حساب عدد من الأشخاص.. هم بعيدون كل البعد عن هذه الملوثات..ومن هذه الملوثات :
1- مشاريع الدواجن:
ولا أدل من ضرر مشاريع الدواجن في القصيم من شكوى أهالي بلدة (أوثال) شمال مدينة بريدة من مشروع ضخم للدواجن بجوار هذه البلدة.. ومن تضرر أهاليها من الأجواء الفاسدة التي نشرها هذا المشروع حولهم.. بل هو قريب من (بريدة) بسكانها فإذا كانت الرياح شمالية انتقلت هذه الجواء الموبوءة بالبكتريا.. والروائح الكريهة إلى هذه المدينة ليتنفسها الأهالي وعلى الرغم من وضع (فلاتر) للهواء إلا أن الضرر لا يزال قائما والضرر الأشد هو من هذه المخلفات من مواد كيميائية يتغذى عليها ملايين الدواجن في هذه الحظائر ومن بقاياها.. وهناك مشروع ضخم آخر للدواجن كذلك في مثلث ذهبي بين ثلاث من مدن القصيم (عنيزة، البكيرية، البدائع) وقد نشأ هذا المشروع في (الغميس) هذه الرمال الذهبية التي هي متنزه أهالي هذه المدن في الربيع الرائع وفي ليالي الصيف الحالمة.. جاء هذا المشروع فشردهم عن متنزههم وعن (الخبيِّبة) كذلك برياحه الكريهة والتي تفوح منها روائح الكيماويات التي تكتم الأنفاس، وخصوصا إذا كانت الرياح هادئة نظرا لقربه الشديد من متنزهات (الغضا).. إضافة إلى ما يلقى من المخلفات من هذه المشاريع حولها.. إن قوانين منظمة الصحة العالمية تحدد مشاريع الدواجن بمسافة لا تقل عن (150 كم) فكيف نشأت هذه المشاريع في وسط التجمعات السكانية. كما نشأ مؤخرا مشروعان آخران بين (البدائع والرس) هذان المشروعان الواقعان على الطريق الواصل بين البدائع والرس ينفثان روائح كريهة ونتنة وخصوصا من مخلفات الدواجن ومن المواد الكيماوية المستخدمة في التنظيف أو التغذية.. إذا مر الشخص بسيارته مرورا (في بعض الأوقات) يكاد أن يصاب بالإغماء ويفقد سيطرته على سيارته بسب هذه الروائح النتنة والتلويث المستمر للبيئة الصحية في هذه المناطق.. وقد يقول البعض: إن هناك تعقيماً.. وفلاتر للروائح، ولكن كل ذلك لا يبرر السماح بوضع هذه المشاريع قرب المدن ووسط التجمعات السكانية.. لابد من دراسة إبعاد هذه المشاريع.
2- مصنع الأسمنت:
هذا المصنع الواقع شمال مدينة بريدة.. أصبح داخل نطاقها العمراني ويقع على مرتفع تقع أسفله مخططات سكنية.. وفي كل يوم ينفث هذا المصنع سحبا هائلة من الغبار والذي يسقط أطنانا على مدينة بريدة.. الأشجار بجانبه أصبحت باهتة محملة بالغبار ولا بد من إبعاده عن المدينة.
3- الكسارات:
تتركز هذه الكسارات في المنطقة الواقعة بين بريدة وعنيزة وهي في عنيزة أقرب.. وتنفث في كل يوم سحبا هائلة من الغبار الذي ينتقل إلى هذه المدن ويتنفسه أهلها.. وقد بدأت هاتان المدينتان تزحفان بشكل سريع نحو منطقة هذه الكسارات ما يستوجب التفكير بنقلها بعيدا عن هذه المدن وكذلك الكسارة الموجودة بين البدائع والرس والتي تنفث يوميا سحابة من الغبار وتشكل الكسارات المحيطة بالمدن مصدرا رئيسيا للتلوث حيث إنها تقوم بطحن الصخور ونفث الغبار المتبقي من عمليات الطحن خلال الجو بكميات كبيرة، هذه الجزئيات الصغيرة الدقيقة من الغبار تنزل على المدن القريبة من هذه الكسارات يوميا بالأطنان، وهذه الجزيئات الدقيقة الصغيرة تختلط بالأكسجين الذي يتنفسه الإنسان مما يعني أن هذه الكميات الهائلة من الغبار تدخل مع الهواء الذي يتنفسه سكان المدن مسببة لهم الحساسية وأمراض الصدر.. هذه الكسارات تحيط بجميع مدن منطقة القصيم وبين هذه المدن والأرياف، وإذا لم يكن نقل هذه الكسارات ممكنا نظراً لتكلفة النقل فليس أقل من نقل هذه الكسارات أو إلزام أصحابها بوضع فلاتر تمنع تصاعد هذا الغبار وأهم من هذه الكسارات مصنع الأسمنت الواقع شمال شرق بريدة والذي ينفث يوميا كميات هائلة على شكل سحابة من الدخان تغطي بريدة. ومن يمر في الطريق المجاور للمصنع (طريق الطرفية) يرى الأشجار مغبرة من الدخان.. العجيب والغريب في الأمر أنه قد صدر منذ ما يزيد على 15 عاما تعاميم مشددة وتوجيهات من سمو أمير المنطقة بشأن وضع فلاتر للكسارات ومنها التعميم رقم م-ص- 670-هـ - 2665 وتاريخ 1-6-1411هـ من سعادة مدير عام الشؤون البلدية والقروية بالقصيم إلى جميع البلديات بالمنطقة، ويقضي التعميم بإلزام أصحاب الكسارات بالتقيد بتركيب فلاتر ولا يعطون أي مهلة جديدة.
ونظرا لأنها تلحق الضرر بالمواطن فقد صدر توجيه سمو نائب أمير المنطقة بإيقاف جميع الكسارات التي لم تلتزم بوضع فلاتر تمنع تصاعد الغبار والأتربة.. إلا أنه حتى يومنا هذا لا يزال الغبار والأتربة يتصاعد منها.
4- مياه الصرف الصحي:
هذه المياه يتم زجها في مناطق ذات كثافة سكانية كما هي في بريدة، أو في أودية ذات مناطق زراعية كما هو في محطة معالجة مياه الصرف الصحي بالرس والتي يتم إسالتها في وادي الرمة.. هذه المياه تحتوي على مواد كيميائية سامة وتشرب منها البهائم.. وقد نفق حوالي 15 بعيرا بعد شربها من هذه المياه.. كما أن مياه وادي الرمة تجرف هذه المياه السامة والملوثة نحو مزارع (البدائع) ولابد من تنقيتها ثلاثيا لتفادي خطرها وعدم تكرار هذا الخطأ في محطة (البدائع - رياض الخبراء والخبراء - البكيرية).
وإيجاد حل لمياه الصرف في عنيزة.
5- حرق المزارع:
وأعني به حرق (التبن) ومخلفات المزارع مما نتج عنه سحبا هائلة من الدخان تساق نحو التجمعات السكانية.. ونحو المدن.. وعلى هذا وجب التنبيه على المزارعين بجانب المدن بعد حرق هذه المخلفات.
كما أن المزارع التي تحتوي على بيوت محمية تحرق بجانبها بقايا هذه البيوت من (بلاستيك) ومواد كيماوية خطرة يوميا وبكميات كبيرة مما يلوث الأجواء وعلى هذا فيجب أن تقوم المحافظات والمراكز بمعاقبة من يقوم بمثل هذه التصرفات الأنانية الرعناء.. حيث بالإمكان حمل هذه المخلفات إلى أماكن طمر النفايات التي تحددها البلديات.
6- رمي المخلفات في المتنزهات.. حيث لا يمكن أن تجد متنزها إلا وقد تلوثت بهذه المخلفات.. التوعية لا تفيد ولابد من وجود رقابة على من يضع المخلفات بهذه المتنزهات ولابد من وجود حاويات للنفايات بهذه المتنزهات.. ووجود جمعية لأصدقاء البيئة في القصيم يقوم عليها البلدية والمحافظة للمرور على هذه المتنزهات وتنظيمها، وعندئذ لا يجرؤ أحد على تلويثها ..
هذه بعض ملوثات البيئة في القصيم.. وهناك الكثير غيرها .. هذه المنطقة التي تشهد نهضة تنموية يقودها أميرها النشط صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز - حفظه الله .
عبدالعزيز بن محمد السحيباني/البدائع |