Thursday 11th November,200411732العددالخميس 28 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "شهر الغفران"

الإسلام والمهنة الإسلام والمهنة
عبد الرحمن رشيد الوهيبي

الحمد لله القائل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (10) سورة الجمعة. والقائل: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } (15) سورة الملك.
والصلاة والسلام على نبينا محمد القائل:(ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود صلى الله عليه وسلم كان يأكل من عمل يده) رواه البخاري.
أما بعد: فقد دعا الإسلام إلى العمل وترك البطالة بل ضرب الأمثلة من الأنبياء والمهن التي عملوا بها لتكون زاداً لهذه الأمة المحمدية لتستنير بها في حياتها لتدرك أنه كما أن الإنسان مخلوق من روح وجسد فهو مطالب بعمل روحي يتمثل في العبادات عقيدة وشريعة وعمل مادي يتمثل في عمارة الأرض لتتحقق الخلافة التي قال الله عنها:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } (30) سورة البقرة.
لذا جاء في سورة الجمعة {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (10) سورة الجمعة.
قال ابن كثير - رحمه الله - في ذلك: اذكروا الله في حال بيعكم وشرائكم وعطائكم ولا تشغلكم الدنيا عن الذي ينفعكم في الدار الآخرة (ج 4 ص 365).
وكما هو معلوم أن الله قد تكفل بأرزاق خلقه كما قال تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ1} (6) سورة هود. ولكن لابد من فعل أسباب طلب الرزق وإلا (فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة) كما أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
لذا لنقرأ قول الله جل وعلا:{وَآيَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ {33} وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ {34} لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} .
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير قوله (أحييناها وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون)، قال: أي جعلناها رزقاً لهم ولأنعامهم.. أما قوله تعالى: {أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ} فقال في تفسيره: أي غرسوه ونصبوه. ج 3 (ص568).
فمما سبق يتبين أن الله أمر بالعمل وبذل الجهد لتحصيل الرزق وكذلك قوله تعالى في سورة البلد {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} أي في مكابدة الأمور ومشاقها كما جاء في تفسيرها.
فالعمل المهني اليدوي فيه مشقة وكلفة ولكن أطيب كسب المرء ما كان من عمل يده لذا جاء بعد هذه الآية مباشرة {أَيَحْسَبُ أَن لَّن يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ}أي على سؤاله عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه؟ وفي الحديث (لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب ثم يبيعه لكان خيراً له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه).
إذاً فقد جاء الإسلام داعياً للعمل والمهنة لكسب الرزق وإعفاف النفس وعمارة الأرض ونفع المسلمين والاستغناء عن الآخرين والاعتماد على الله ثم على ما تعلمه الشاب من حرف يدوية ومهن صناعية وأعمال تجارية ونحوها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved