Thursday 11th November,200411732العددالخميس 28 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

نوافذ نوافذ
شرط وجودي
أميمة الخميس

طبيعة الحياة قائمة على الصراع، وهو الشرط الوجودي الذي ارتبط بالمخلوقات وعلاقتها مع الزمان والمكان، هذا القانون الجدلي، نستطيع اكتشافه ومقاربته من خلال الكثير من العلوم، ابتدأ من أصغر خلية في أجسادنا فالعلم الحديث يقول إن الخلايا في أجساد المخلوقات تتحرك من خلال الصراع بين الأيونات الموجبة والسالبة (الصوديوم والبوتاسيوم والكلور) هذه الأيونات تظل في حالة استاتيكية إلى أن يأتي المحفز الذي يجعلها تنخرط في حالة صراع وحركة، تلك الحركة التي تتناوب بين الدخول والخروج في غشاء الخلية هذا الصراع يولد طاقة، ومن خلال هذه الطاقة تتحرك المخلوقات وتنتج وتتناسل وتبدع.
الصراع هو الشرط الذي يرتبط بميكانيكية التطور والتبدل بينما السكون هو أول علامات الموت والتهدم، ولا أعتقد أن هذا القانون ينحصر في خلايانا فقط بل ينسحب على الكثير من الموجودات من حولنا، فعلى المستوى التاريخي نجد أن الحروب هي أحد أبرز الملامح التي تتعلق بكتب التاريخ وظل التاريخ يرشح بالدماء وسيوف الهند تقطر بهذا السائل الأحمر الذي كتبت به أغلب الصفحات التاريخية منذ فجر البشرية، وفي الفلسفة نجد أن النظريات الفلسفية ظلت تتناقض وتتصارع منذ زمن الأغريق حينما كانوا يقارعون الكون بسيوف الكلام إلى وقتنا الحاضر.
ولم يفز نظام فلسفي بعرش الحقيقة المطلقة لانه دوما بداخل كل نظرية فلسفية تظل تحمل بذور موتها والصراع الذي ينتج نقيضه، أنا أعلم أن نظرية الجدلية التاريخية التي انطلق منها في تفسيري السابق لطبيعة الصراع الكوني، هي نفسها قد بادت ولا أحد يود أن يسمع بها الآن بعد أن أدت تطبيقاتها على النطاق العملي إلى نتائج مروعة ولكن أيضا هذا لا يمنع أن نتوسل أحد جوانب هذه النظرية للتأكيد على الجدلية التاريخية للوجود البشري.
الصراع هو إحدى الخصائص البشرية التي يجب أن نعيش معها، أو تحديداً نتقبلها كالحقيقة الوحيدة المطلقة ضمن جميع الحقائق التي تدعي امتلاكها تمام الحقيقة، فالشيء الوحيد الثابت هو التبدل المستمر، أي هو التغير والصيرورة ذلك التغير الذي يحول إلى حالة احتدام وطاقة هي وحدها الشرارة التي تشير إلى الحياة، وهي التي تنهض الأمم من توابيتها وتأخذها إلى ملاقاة غدها ومواجهة الحياة بجميع متطلباتها وتحدياتها، ومختلف أشكال الصراع فيها.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved