Thursday 11th November,200411732العددالخميس 28 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

لنستمع للصمت في تأبين د. إبراهيم الدريس لنستمع للصمت في تأبين د. إبراهيم الدريس
محمد عبد الله بيهان

وقفت الكلمات على الشفاه، والآهات على الحناجر، والدموع على العيون، وفي تعثر الكلمات والآهات والدموع، قامت مناحة صمت رهيب أخذت بالمشاعر والقلوب.
فيا أيها الصمت الرهيب قرأتك ملحمة عجزت عن حملها الكلمات وناءت بها الآهات .. خرساء ولكنها ناطقة، وآجمة ولكنها محلقة في عالم التعبير.
فلنستمع للصمت الذي لاذ بهذه الوجوه وغاص في عمق القلوب والمشاعر آهة حائرة، تحلق في ملكوت الله تسترجع قصة الحياة والموت.
يقول الصمت وقد اكتسى كيان محبي الراحل:
* يا محبي إبراهيم: عزاؤكم عزاءً جميلاً وصبركم صبراً جميلاً، حقاً لقد رحل إبراهيم لكنه قبل رحيله ذوب حبه وسقاكم إياه. وأضفى عليه كوناً من المشاعر والأحاسيس التي تجعله خالداً في كل نابض من عروقكم فما هو إلا أنتم وما أنتم إلا إياه، لذلك ران الصمت عليكم لأنه لاذ بالصمت الأبدي.
* يا محبي إبراهيم: للصمت جلال ورهبة وللموت جلال ورهبة. وكلاهما يبعثان على التأمل والاعتبار.
* يا محبي إبراهيم: بينما تنطلق زغاريد الفرحة بقدوم مولود جديد تنطلق معها نهاية حتمية تقول (ولد ليموت، ولد ليموت، ولد ليموت). وبرغم نصاعة الحقيقة وحقيقة الحقيقة إلا أننا نتناسها أهي التناسي أم أنها نعمة النسيان!! لست أدري.
* يا محبي إبراهيم: كلنا إلى هذه الرحلة قادمون عاجلاً أو آجلاً قدم غيرنا إليها، وشرب كأس الموت وقدم إلى عالم آخر وسنشرب الكأس إياها فماذا أعدننا للرحلة.
أما إبراهيم فقد أعد لرحلته الزاد ولا نزكي على الله أحداً.
ويقول الصمت في الوجوه:
لقد رحل إبراهيم عن دنيانا، بعد أن حفر اسمه بأحرف من نور في القلوب والأفئدة، وكانت سيرته سيرة زكية تفوح أريجاً وعطاءً، وتحدث عن قصة الكفاح لابن من أبناء هذا الوطن الذي أوقف حياته ووقته وجهده في سبيل عزة هذه الأمة من خلال عمله التربوي النبيل.
وأقول وقد استمعت إلى الصمت:
لله أنت أيها الصمت لقد كنت فصيحاً إلى درجة أرقى من الكلمات واضحاً كوضوح حقيقة الموت، ولقد استخدمت لغة النقاء والصفاء تلك التي تأنف أن تذوب على ريشة قلم، وتموت على صفحة ورق، بل كانت معنى سامياً يأتي من هناك، من عالم الأبدية الخالدة، ليذكرنا بالحق وينتشلنا من عالم الماديات إلى عالم الروحانيات.
ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.
وداعاً يا إبراهيم، بكل صمت نودعك ونعلم أن الصمت كون من المشاعر الصادقة، وكم نحن محزونون ولا نقول إلا ما يرضي الرب.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved