Thursday 11th November,200411732العددالخميس 28 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

أعزيك أيتها التربية بفقدان الدكتور الدريس أعزيك أيتها التربية بفقدان الدكتور الدريس
د. عبدالعزيز بن سعود العمر (*)

فقدت وزارة التربية هذا الاسبوع انساناً أجلّه كل من عرفه وتعامل معه، بل ان التربية- الرسالة وليس الوزارة- فقدت هي الاخرى رجلاً تربوياً مرموقاً حمل بين جوانحه همّ الدفاع عن التربية والإعلاء من شأنها، ذلكم هو الدكتور إبراهيم الدريس الامين العام للجنة العليا لسياسة التعليم.
قابلت المرحوم الدكتور إبراهيم الدريس لأول مرة في حياتي قبل عقدين من الزمان عندما عدت الى الوطن منهياً دراستي العليا، دلفت الى مكتب ابي عبدالرحمن لأنهي اوراق تعييني استاذاً مساعداً في كلية المعلمين بالرياض، ولم يكن لحظتها ابو عبدالرحمن متواجداً في مكتبه، وفيما كنت انتظر عودته إذا بي اسمع صوتاً يردد الشهادة والحمد. لقد كان ذلك هو صوت ابي عبدالرحمن وهو يخرج من الميضئة متوضئاً يجفف يديه ويعيد اكمام ثوبه الى وضعها.
لقد تركت تلك المقابلة الاولى في نفسي انطباعاً جميلاً لا أنساه عن أبي عبدالرحمن.
وفي احدى اللجان التي جمعتني بأبي عبدالرحمن- رحمه الله- احضر أبو عبدالرحمن معه نسخة من احد مقالاتي وقام بتوزيع نسخ منه على اعضاء اللجنة، وقبل بدء الاجتماع استأذن المرحوم رئيس اللجنة في قراءة المقال على الجميع -وهو مقال لم تكن له علاقة بالاجتماع- ثم بدأ يوجّه اليّ حديثاً فيه شيء من القسوة، ولكنها كانت قسوة الوالد على ابنه أو الطبيب على مريضه.
لقد رأى ابو عبدالرحمن ان ذلك المقال لم يكن يخدم التربية ولا يحقق مصلحة تربوية، وتمر الأيام فإذا ابو عبدالرحمن يحضر معه الى الاجتماع نسخة أخرى من احد مقالاتي، قرأ ابو عبدالرحمن كامل المقال على اعضاء اللجنة مبدياً اعجابه الشديد بما ورد فيه، عقب ذلك توجّه اليّ بالحديث قائلاً: يا أبا سعود اهنئك على هذا المقال.
هذه الحادثة تؤكد حرص أبي عبدالرحمن على توجيه زملائه بما يخدم الشأن التربوي، وذلك نابع من ايمانه الصادق بالرسالة التربوية التي يحملها.
عرف الجميع ابا عبدالرحمن بخبرته التعليمية الثرية وعمق معرفته وإدراكه للشأن التربوي ونظرته التربوية البعيدة، وهو مع كل هذه السمات الجادة امتلك حساً انسانياً مرهفاً وتعاملاً شخصياً راقياً، فعندما يغوص بنا -رحمه الله- في اعماق التربية والسياسات التعليمية تجده في الوقت نفسه يضفي من وقت لآخر على جو اللقاء نكهة من المتعة والدعابة تجعل العلاقة بين الجميع اكثر حميمية. رحمك الله يا أبا عبدالرحمن واسكنك فسيح جنانه. لم يفقدك اهل بيتك فحسب بل فقدك كل من عرفك وفقدتك التربية الرسالة.

(*) عميد كلية المعلمين بالرياض


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved