بدأت الشركات العائلية مع بداية الألفية الثالثة في تقليص أحجامها، وفي إعادة هياكلها الإنتاجية، وفي أحيان أخرى إعادة تأهيل وتدريب موظفيها، وهو إنجاز هام وتفتخر به فبعض منها لها تاريخ طويل من الصعوبات والتأرجح وعدم الثقة. هذا التاريخ جعل حال الإصلاح والتطوير فيها أمرا ضروريا، ولما تحتاج إليه من تعضيد مالي وتأهيل إداري من ناحية ومن ناحية فقد فرض عليها الاقتصاد العالمي الجديد تحديث منتجاتها، ورفع رؤوس أموالها سواء بقروض مصرفية أو بتحولها إلى شركات عامة مساهمة سعودية، إذا أرادت أن تبقى منافسة، وفرضت المنافسة العالمية عليها تغير سلبياتها والتي اعتمدت عليها في تفريغ العمل من التخصص والمهارات بتوزيعها على عدد محدود من الموظفين. وهو تقليد لا يساير الاتجاهات الحديثة، والذي ينادي بزيادة إسهام معظم العاملين في اتخاذ قرارات الإنتاج والتسويق. ورغم تعدد سلبيات معوقات نموها وأطر تحديثها والتي لم تختف تماما منها إلا أن محاولات تبني سبل الإصلاحات الهيكلية والإدارية تتم بخطى جيدة مقارنة بكثير من الدول العربية المجاورة. ولعل سلبيات توظيف الأقارب كان من أبرزها، ولا نقول إن توظيف الأقارب مشكلة، فلا خطأ في ذلك وقد تكون احتمالات القريب في النسب في صبره على العمل أكبر من احتمال مرؤوسين آخرين، وغالبا ما يشعر القريب أن سمعته من سمعة مالك العمل قبل أي شيء، ولكن نقول إن ما قرر مالك شركة استخدام أحد أقاربه فعليه أن يتأكد تماما من ترحيب المؤسسة بذلك من حيث المبدأ، أو على الأقل عدم إعلانها كراهيته. ثم بعد ذلك عليه أن يتأكد أن قريب العائلة سيدعو إلى مفخرته، أما إذا كان لديه أدنى شك في ذلك فلا يحضره إلى المؤسسة على الإطلاق فقد يدمر سمعة المؤسسة، وهناك عنصر آخر قد يحد من نمو المؤسسات العائلية في الألفية الثالثة ألا وهو عنصر عدم الثقة فنمط الأعمال العائلية والتي يمكن أن نطلق عليها نمط الإدارة الشخصية يعتمد على شخص واحد بناء على العلاقات الشخصية له. فلا يهتم على تقسيم العمالة وكفاءتها في الأداء بقدر ما يعتمد على معايير شخصية في المهام الإدارية ولا يحافظ على بقاء مسافة علاقة مناسبة بينه وبين موظفيه وهو العنصر الذي يزيد في صعوبة استمرارها في السوق. وقد تعمل المنافسة على تفاوت قدراتها القيادية الأمر الذي يؤدي إلى تفتت وضعف في سير العمل وخلق جو من التوتر داخلها لا تسمح به ثقافة الأعمال. ومن سوء الطالع أن أغلب المؤسسات العائلية لا تبدأ في التغيير الهيكلي الإداري لها إلا إذا ساءت أحوالها. وهذا يؤدي إلى تغير في ظروف غير مواتية ويشجع كثيراً من موظفيها على مقاومته وفشله. والخطأ الشائع أن بعضاً منها تنظر إلى التغيير على أنه وصفة جاهزة يمكن نسخها بحذافيرها، دون بذل أدنى جهد لاستخلاص الحلول المناسبة واستبعاد غير المناسب منها.
|