كنت في زيارة لمدينة فاس لحضور ندوة (أبو بكر العربي المعافري) التي نظمتها جامعة سيدي محمد بن عبدالله، وبعد انتهاء الندوة نظمت الجامعة برنامجا حافلا للمدعوين حيث قام الجميع بزيارات للأماكن الأثرية والمكتبات والمعالم الحضارية ومن ضمنها جامعة القرويين والتي تكرم مديرها بإهدائي مجموعة من الكتب ومنها كتاب (قيم جديدة للأدب العربي) للدكتورة بنت الشاطئ، ولقد تناولت فيه طائفة من المعايير والأحكام التي ذهب إليها نقاد في تاريخ الأدب العربي وقد عبرت عن وجهة نظرها حيال ذلك بالنقد والمناقشة في هذا الكتاب العصر الجاهلي وعصر صدر الإسلام والعصر الأموي والعصر العباسي ووقفت عند بدء عهد علماء البلاغة حيث ستفرد لذلك كتاباً ثانياً لمناقشة مقاييسهم وأحكامهم والواقع أن الكتاب تقويم للأدب العربي حيث تناولت آراء للنقاد القدماء وردت عليها بآراء النقاد القدامى وقد انتهت في الفصل الأول إلى استخلاص مقاييس نقدية وقيم أدبية وصفها قدامى النقاد للشعر الجاهلي منها أن أجود الشعر ما صدر عن رغبة أو رهبة وفي الفصل الثاني بحث عن الإسلام والشعر ناقشت فيه المؤلفة ما قيل من أن الشعر هانت مكانته وتعطلت منذ وقف الإسلام منه موقف العداء ونزلت فيه آية الشعراء {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} وأوردت ما ذكره مؤرخو الأدب من الأخبار عن الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه في تقدير الشعر وأن الشعر لم يتخل عن وظيفته في الحياة الإسلامية كما ناقشت بعض المفكرين الذين زعموا أن الأدب لم يتأثر بالإسلام إلا قليلاً.
كما ناقشت ابن سلام في فصله بين الجاهليين والإسلاميين. وفي الفصل الثالث تعرضت للشعراء والنقاد ومؤرخي الأدب في قصور الملوك وكشفت دواعي الانحراف في مقاييس النقاد كمقولة (أعذب الشعر أكذبه).
وفي الفصل الرابع كتبت عن نشأة الأدب الشعوبي والطائفي وحماية الدولة العباسية للشعراء الشعوبيين واهتمام النقاد ومؤرخي الأدب بالمداحين وإهمالهم الشعراء الصادقين.
هذا والكتاب تتجلى قيمته في إلقاء الضوء على كثير من المقاييس والأحكام الأدبية ومناقشتها وتصحيح فهمها والاهتمام بكتب التراث وما فيها من أصالة يجب العودة إليها وتحرير الأفكار من التبعية الضالة وفتح أذهان الشباب والجيل الأدبي المعاصر على تلك القضايا الفكرية بفهم عصري مستنير.
|