Thursday 11th November,200411732العددالخميس 28 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

فيض الضمير فيض الضمير
قبل وداع رمضان هل تريدون أن يستجيب الله لكم؟!
د.محمد أبو بكر حميد

رمضان فرصة لا تتكرر للمسلم إلا مرة في العام.. وقد لا تتكرر أبداً إذا أدركنا الأجل، ومع ذلك فبعض المسلمين يضيع هذه الفرصة رغم حرصهم على العبادات.
تجد هؤلاء حريصين على الصلاة.. حريصين على أداء العمرة وحضور النوافل والسنن.. حريصين على الدعاء والتضرع إلى الله يطلبون رحمته وقلوبهم قاسية على غيرهم، لم تلنها عبادات رمضان ولا محاولات التقرب إلى الله، كأنهم لم يسمعوا قوله (صلى الله عليه وسلم): (من لا يرحم لا يُرحم)، ونجدهم يطلبون المغفرة والعفو والسماح بحرارة وصدق من ربهم وقلوبهم تحمل غلاً وسخطاً وإصراراً على عدم التسامح مع من أخطأ في حقهم من عباد الله. ألم يسمعوا بقوله تعالى {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} بمعنى ان الله سبحانه وتعالى تكفل بالأجر ومن أصدق من الله وعداً!؟ ومع ذلك فإن من المسلمين من يتردد في التسامح والتصالح ويرفض هذا العرض الإلهي بالمغفرة إن هو غفر لأخيه، ويصر على القطيعة، ويدخل عليه رمضان وتتاح له فيه فرصة العمر فلا يهتبلها ثم يقف بين يدي الله ويقول: يا رب ارحمني يا رب اغفر لي!
والأسوأ من الذي يدخل عليه رمضان ولا يتسامح مع عامة عباد الله ذلك الذي يدخل عليه رمضان وهو عاق لأحد والديه أو لكليهما أو قاطع لرحمه لأخيه أو عمه أو خاله أو عماته أو خالاته ومن نحا نحوهم ممن أوصى الله بهم. وقد حذر الله سبحانه من فوق سبع سماوات من عقوق الوالدين ولو بكلمة أو همسة أو حتى خاطرة تجول في النفس، وأوصى {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً} وأمر {فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} واعتبر الله سبحانه بر الأعمام والعمات والأخوال والخالات امتداداً لبر الوالدين، فقد أوصى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جاء يطلب أفضل الوسائل لبر الوالدين بعد وفاتهما، فعلم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ان بر العم والعمة والخال والخالة امتداد لبر الوالدين ومن أهم موجبات رحمة الله حتى لو فطموك أو أساءوا إليك فأجرك على الله لأنك تنفذ ما أمرالله به وتعمل ما يسره ويرضيه عنك.
أما البر بالأخ والأخت فهو ذروة سنام ما أمر الله به ان يوصل فهما الدرجة الاولى من الأرحام بعد الوالدين وأجر المؤمن بصلة الرحم أحب ما يمكن أن يكون اليه قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (صلة الرحم تزيد في العمر) فهل منا من لا يريد طولة العمر؟! وقال (صلى الله عليه وسلم) أيضاً (أعجل الخير ثواباً صلة الرحم) فهل منا من لا يستعجل الخير؟!
ومع ذلك فلدينا من يدخل عليه رمضان وأبواه أو أحدهما غير راضٍ عنه، وبينه وبين أخيه أو أخته شاحنة أو قطيعة وبالمثل مع غيرهما من الأرحام التي أمر الله بها ان توصل بصرف النظر عن المخطئ وصاحب الحق، ثم يقف هؤلاء العاقون لوالديهم أو القاطعون للأرحام، المصرون على الخصومة والعقاب ورفض التسامح يقفون بين يدي الله يطلبون رحمته وعفوه ورضاه عنهم!
ألا يعلم هؤلاء ان التقرب إلى الله وكسب رضاه يكون أفضل ما يكون في رحمة عباده والتسامح معهم والإحسان إليهم والتماس الأعذار لهم.
إن الله يحب عباده ويغار عليهم ويفرح ممن يرحمهم ويحسن إليهم ويصفح عنهم، فقد سأل الصحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن مدى محبة الله لعباده، فضرب لهم المثل بمحبتهم لأولادهم وفرحهم ممن يحسن إليهم ويرحمهم، وأبلغهم ان الله يحب عباده أكثر ويفرح ممن يُحسن إليهم فمتى أراد ان يرضي ربه فليرضيه في عباده رحمة وتسامحاً ومحبة.
ألا تريدون الله ان يغفر لكم؟ ألا تريدون الله ان يرحمكم؟ ألا تريدون الله ان يلتمس لكم العذر كلما ارتكبتم ذنباً في حقه؟
رمضان يقف على الأبواب مودعاً فمن لم يدرك فيه هذا الخير ففي العيد بروا والديكم وصلوا أرحامكم، وأعفوا عن المسيئ وأحسنوا إليه ما استطعتم، فأجركم على الله، وأجره رضاه فهل تبتغون في هذه الدنيا أكثر من مرضاته وعفوه وإحسانه؟


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved