منحت الأحداث الجارية على الساحات المحيطة مروِّجي الألعاب والمفرقعات النارية مسميات جديدة ومفردات مبتكرة زادت مبيعاتهم، فزاد الضجيج والإزعاج حول منازلنا قبيل العيد. لكن ربما أن فائدة اكتسبها الصغار لم يحسب لها الباعة حساباً، فالملاحظ أن الصبية أخذوا يسألون عن معنى: قسام ثلاثة، وشهاب اثنين، وحتف، وغيرها، وعن الفلوجة وجنين، وهكذا؛ مما فتح الباب لأولياء الأمور لتزويدهم بمعلومات موجزة عن مجريات الأحداث الساخنة. وقد يرى البعض أن شراء أنواع من تلك الصواريخ والمفرقعات المضيئة للأطفال يلهون بها في احتفالية العيد السعيد نوع من الهدر المالي غير المبرر، ويراه آخرون لهواً بريئاً إذا كان منضبطاً ومقنَّناً وبإشراف من الكبار. وأجدني أميل للرأي الأخير، بل وأستمتع أيما متعة وأنا أشاهد صغيريَّ يثبان ضاحكين خلف فراشة مضيئة تدور حول نفسها أو مفرقعة بالألوان لا تضر صحتهم ولا تمس هدوء غيرهم؛ لأني في كل الأحوال أُحدِّد المكان والزمان لهذه المتعة وذاك المرح الطفولي، لا حرمهما الله منه.
وإني وأنا أتحدث عن هذه الخاطرة لا أميل لرأي مَن يحرم طفله من مرح ولهو بريء مشروع بحكم سن الطفولة، فيما هو يقابل صديقاً ويحلف عليه بأن يوافق على دعوته لعشاء أو غداء يكلفه مبالغ لا داعي لهدرها. ثم بالأخير يجتهد في طلب سيارة الجمعية الخيرية لحمل فائض اللحوم والأرز وملحقاتهما من خيرات أُهدرت، وكان يجب ألا تُهدَر، بادِّعاء كرم يمكن تعويضه بما قلَّ ودلَّ من واجب الضيافة. ثم إن الكرم مع النفس والأسرة، وخاصة الأطفال، من أعلى درجات الكرم.
|