في مثل هذا اليوم من عام 1989 بدأ الألمان في هدم سور برلين الذي كان يفصل بين الشطر الشرقي للمدينة الألمانية والذي كان عاصمة ألمانيا الشرقية أو الشيوعية والشطر الغربي الذي كان أهم مدن ألمانيا الغربية أو الاتحادية والتي جعلت من مدينة بون عاصمة لها حتى لا تكون عاصمة البلاد على خط التماس مع ألمانيا الشرقية التي كانت أخطر جبهات المواجهة في الحرب الباردة بين الكتلتين الشرقية والغربية على مدى أكثر من أربعين عاما في النصف الثاني من القرن العشرين.
شهد مطلع الستينيات زيادة كبيرة في أعداد الألمان الشرقيين الذين يتسللون إلى الشطر الغربي من برلين هربا من الظروف الاقتصادية والأوضاع السياسية المتدهورة في الشطر الشرقي من ألمانيا وتأثرا بالدعاية الأمريكية التي تتحدث عن (الغرب السعيد) وبلغ عدد هؤلاء اللاجئين خلال الفترة من يناير عام 1961 إلى أغسطس من نفس العام أكثر من 160 ألف مهاجر ألماني شرقي.
في الوقت نفسه كانت الأوضاع السياسية بين الشرق والغرب في أشد حالات التوتر. في ظل هذه الظروف قرر الرئيس الألماني الشرقي في ذلك الوقت إيريك هونيكر إقامة سور يفصل بين الشطر الشرقي من برلين والشطر الغربي منها لمنع تسلل اللاجئين من ناحية ومنع تسلل الجواسيس من الشطر الغربي لألمانيا إلى ألمانيا الشرقية من جهة أخرى.
بدأ العمل في بناء الجدار صباح الثالث عشر من أغسطس عام 1961. وحل الجدار الذي تكون من حوائط خرسانية ونقاط مراقبة وأسلاك كهربائية محل الحدود المؤقتة التي قسمت برلين بعد الحرب العالمية الثانية.
وفي الثالث والعشرين من أغسطس عام 1961 لم يعد مسموحا لمواطني الشطر الغربي من برلين الوصول إلى الشطر الشرقي. كما لم يعد مسموحا لمواطني الشطر الشرقي من العبور إلى الغرب.
وفي السابع عشر من يونيو عام 1962 سقطت أولى ضحايا محاولة اجتياز السور من الشرق إلى الغرب وهو فيليب فيتشر البالغ من العمر 17 عاما حيث لقي حتفه برصاص جنود حرس الحدود الألماني الشرقي أثناء محاولته التسلل عبر السور إلى برلين الغربية.
أطلقت ألمانيا الشرقية اسم (الجدار الواقي من الفاشية) على سور برلين. وفي عام 1989 شهدت ألمانيا الشرقية مظاهرات حاشدة ضد الحكم الشيوعي بعد أن بدأت الأنظمة الشيوعية تترنح بالفعل في أوروبا الشرقية ككل. وكان من بين المطالب الأساسية للمظاهرات الحاشدة التي شهدتها مدينة ليبزج الألمانية الشرقية في ذلك الوقت تغيير قوانين السفر بحيث يكون من حق الألمان الشرقيين السفر إلى ألمانيا الغربية بسهولة.
وفي التاسع من نوفمبر عام 1989 أصدر أمين الحزب الشيوعي في برلين الشرقية جونتر شوبوفسكي قرارا بفتح بوابات السور أمام (الرحلات الخارجية الخاصة) . وفي اليوم التالي بدأ العمل في إزالة هذا الجدار في خطوة كانت أهم رموز انتهاء الحرب الباردة وانهيار الكتلة الشرقية. ولم يمض سوى شهور قليلة حتى تمكن الألمان من إعادة توحيد بلادهم لتعود برلين الموحدة عاصمة ألمانيا الموحدة.
|