تقوم كثير من الأجهزة والإدارات سواء الحكومية كالوزارات والمصالح والمؤسسات العامة والأهلية كشركات الكهرباء والغاز بالمهام والأنشطة التي من شأنها تقديم الخدمة للمواطن بصورة يومية أو دورية.. فالجميع لا يستغني عن خدمات التعليم والصحة والبريد والاستقدام والأحوال الشخصية والأمن ونحو ذلك من الخدمات التي تساعد في القيام بها أيضا أجهزة ليست خدمية بذاتها ولكنها حسب طبيعة عملها ونشاطها أجهزة مساندة للأجهزة الخدمية.
وعلى المستوى العام فقد كانت هذه المهام والخدمات ليست من مهام الدول في غابر الزمن، فقد كان الناس يديرون بأنفسهم القيام بذلك، أما الدول فقد كانت مهامها تقتصر على القيام بشؤون الأمن الداخلي وإقامة العدل بين الناس عن طريق المحاكم والدفاع عن الدولة في حالة العدوان الخارجي، ولذلك كان يطلق على الدول في ذلك الوقت (الدول الحارسة).
وبعد تطور مفهوم الدول مع مرور الزمن توسعت صلاحياتها ومهامها بما يشمل القيام بالخدمات المشار اليها خصوصا بعدما تبين عجز الأفراد عن القيام بتلك الخدمات؛ لكونها تحتاج إلى العمل الجماعي اضافة إلى التخطيط والتنسيق والمردود المالي المناسب.
وبلادنا الغالية منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - حتى الآن وهي تقوم بواجبات ومهام الدولة حسب المفهوم العام، فكما أنها معنية بواجبات الأمن الداخلي وإقامة العدالة والدفاع عن الوطن فهي تقوم بالواجبات التي من شأنها تقديم الخدمات المستمرة للمواطنين عن طريق المرافق العديدة التي أنشئت لهذا الغرض كالمساجد والمستشفيات والمدارس والطرق والاتصالات والكهرباء والماء والإذاعة والتليفزيون والحدائق والمنتزهات.
ولقد اهتمت الدولة بالمراجعين من المواطنين وغيرهم لهذه المرافق وغيرها، حيث تضمنت الأنظمة واللوائح التي تنظم العمل في هذه المرافق ما يدل على ضرورة حسن التعامل مع المراجع وتسهيل سير معاملته، كما تم إنشاء مكاتب لخدمة المراجعين في سائر الأجهزة والمصالح والمؤسسات الحكومية التي تقوم باستقبالهم ومتابعة سير معاملتهم وإفادتهم بما تم عليها في حدود ما يخدم مصلحة العمل.
والدولة عندما تقوم بذلك تجاه المواطن فذلك تابع من إيمانها من أن المواطن حجر الزاوية فيما تقوم به من واجبات وخدمات، باعتبار أن المواطنين يمثلون القوى البشرية التي يُعتمد عليها -بعد الله عز وجل- في تقدم الوطن وتطوره، وكذلك فإن القيادة في بلادنا -وفقهم الله- دائما يؤكدون على موظفي الدولة بضرورة خدمة المراجعين لكونهم مواطنين إضافة إلى أن هذه الخدمة هدف مهم للدولة باعتبارها أحد واجباتها الأساسية، ومن ذلك الأمر السامي رقم (891/ م) في 23-3-1404هـ، بل ان خدمة المواطن اعتبرت جزءاً من تقويم الموظف الذي بموجبه يمنح المزايا والترقيات.. والدولة -أيدها الله- تنطلق في هذا الواجب من منهج الاسلام الحنيف في هذا المجال، فالوظيفة العامة في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن جاء بعده من الخلفاء والأمراء كان ينظر اليها بأنها أمانة وخدمة عامة، ففي هذا المجال يقول المولى عز وجل {وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ }، ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (من ولي من أمر المسلمين شيئا فاحتجب عنهم احتجب الله عنه يوم القيامة)، كما يقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إنني لم أبعث إليكم الولاة ليضربوا أبشاركم ويأخذوا أموالكم ولكن ليعلموكم ويخدموكم).
إذن، فإن خدمة المراجع وتسهيل سير معاملته جزء مهم من العمل، بل إن الوظائف وجدت من أجل قضاء حوائج الناس، فالموظف للوظيفة وليس العكس، ولذا فإن الأمر يتطلب التعاون بين الإدارة والموظف في سبيل تحقيق هذا الواجب بالشكل الذي يتناسب مع أهميته، فعلى كل من جهة العمل والموظف التابع لها واجبات حيال ذلك، ومن ذلك بالنسبة للجهة ما يلي:
- بث الوعي بين الموظفين والمعنيين بأهمية واجب خدمة المراجع.
- وضع الإجراءات الخاصة بذلك وتطويرها من حين لآخر.
- إنشاء مكتب خاص بالمراجعين وتكليف ذوي الكفاءة واللياقة به.
- المتابعة المستمرة للتأكد من سلامة الإجراءات في هذا المجال.
- حسن الاستقبال بالبشاشة والقول الحسن، فإذا كان المراجع كبيرا في السن أو معاقا فتقدم له المساعدة المناسبة والخاصة بحالته.
- مناقشة المراجع في الموضوع الذي قدم من أجله بالأسلوب المناسب وبرحابة صدر وفي حدود التعليمات.
- دراسة حالة المراجعين على أساس المساواة والعدالة والأولوية وعدم الإضرار بأحدهم في سبيل منفعة آخر.
- توافر الشعور الصادق لدى الموظف بالأمانة والدقة والمسئولية تجاه معاملة المراجع وكأنها بمثابة معاملة تخصه أو تخص أحد أقاربه أو معارفه.
- إذا كانت نتيجة الموضوع الذي يخص المراجع سلبية فيمكن إشعاره بذلك بالأسلوب المناسب وبالكلمة الطيبة، وإفادته بأن ما حصل في موضعه تم في اطار القاعدة العامة التي تطبق عليه وعلى غيره.
|