ثقافة الرعب
د. يوسف أحمد الرميح / أستاذ علم الإجرام المشارك - جامعة القصيم

الرعب هو آخر مراحل الخوف وهو المرحلة التي يحس فيها الانسان أنه قريب جداً من الموت والهلاك.
وأقرب وصف للرعب هو ما جاء في قوله تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} فالرعب هو حالة خوف شديد وهلع ومن الصعب جداً على الإنسان أن يعيش في رعب وهلع ولذا منّ الله على المؤمنين بالأمن بقوله تعالى: {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} لأن هذه أكبر المنن على الإنسان وهو الأمن من الخوف والهلع.
وحتى أقرِّب صورة الرعب أو الهلع لا بد من أمثلة ومنها أن يجلس الإنسان في غرفة وإلى جواره ثعبان سام وليس معه ما يدافع به عن نفسه، أو أن يركض في منطقة مليئة بالألغام والتي تقتل حال المساس بها..
هذه فقط مقدمة لما يعانيه بعض من ضل عن الطريق في بلادنا الطاهرة وممن فقد عقله ودينه وخلقه، فالإرهابي قد يجد مناخاً جيداً أو على الأقل معتدلاً في بعض الدول حيث يجد جماعات وأفراداً تؤويه وتشعر بأنه يدافع عن حقوقها ومطالبها.. ولكن في بلاد آمنة مطمئنة مثل بلادنا الطاهرة حفظها الله ورعاها يقفز في عقل العاقل مئات من علامات الاستفهام لماذا؟ وماذا تريدون؟.. نحن والحمد لله نعيش في رغد من العيش في بلاد طاهرة مطمئنة وتأتون لتفسدوا ما صُنع وأُسس في سنين في قمة التهور والطيش والغباء.
من هذا المنطلق نأتي لحالة هؤلاء الإرهابيين الاجتماعية والنفسية وهي الحالة التي وصفت بالهلع أو الرعب وهو أعلى مراحل الخوف كما ذكر..
ووصف هذه الحالة وصفاً جيداً أحدهم والذي ملك عقله وفكره وتاب عن طريق الشر وقال في وسائل الإعلام: (كنت كمن يسير إلى الخلف في ظلام دامس في أرض وعرة لا يدري ما خلفه)، وهذا وصف جيد للحالة المرضية التي يعيشها هؤلاء الإرهابيون فهم في هذا الوقت ملاحقون في طول البلاد وعرضها وصورهم تعرض في وسائل الإعلام صباح مساء وحتى أسرهم تضررت اجتماعياً بأنها وُسمت من قِبل الأصدقاء والمعارف بأنها أُسر إرهابيين مما جعلها تعيش في نكد وتعب ونصب.
الإرهابيون الآن يعيشون هذه الحالة من الهلع والخوف والذعر فقد يُمسك في أية لحظة ومن الصعب جداً عليه التعامل مع الحضارة بأي طريقة كانت لكونه يخاف من أن أحداً سيبلغ عنه كأن يخاف من الذهاب للمسجد أو السوق أو المستشفى أو المقبرة أو حتى لأسرته.
وهذه الحالة المرضية هم من سببها لأنفسهم وهم من اختار أن يعيش حياة الفئران الخائفة في جحورها لأنهم أعطوا فرصة ذهبية ولم يستفيدوا منها بل العكس تعاملوا معها كأنها لا تعنيهم وهذه قمة البلاهة والسذاجة.
(وهل هذه عيشة) إذا كنت تعيش طريداً محارباً هارباً، والمصيبة أن هذا بمحض ارادتك وهي المصيبة الفعلية، والمصيبة الأكبر ما هو الهدف من هذا نحن بلد آمن مطمئن ولله الحمد، لا يطبق التشريع الاسلامي بلد مثلنا مطلقاً ولا تجد الحجاب والأسواق تغلق وقت الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قائماً على الجميع إلا في بلادنا هذه حماها الله، الجميع يعرف هذا خاصة من زار بلاداً أخرى، ولذلك هبّ الجميع ضد هذه الفئة الفاسدة المنحرفة.
إذاً لماذا تفعل كل هذا.. أهل تظن أن الجميع لا يعلمون الحقائق وأنتم فقط من يعلمها؟ وهذه مصيبة في الجهل. ولماذا لا يسعكم ما يسع الناس هنا ولنا ولله الحمد قدوة في ولاة الأمر حفظهم الله والعلماء الصالحين الأحياء منهم والأموات ولا أعرف عالماً معتبراً أفتى بجواز هذه الانحرافات الفكرية والسلوكية.
وقد أدخلتم لبلدنا الطاهر للأسف مصطلحاً جديداً هو الارهاب وأصبحنا نرى نقاط التفتيش ونضطر بسببكم للتوقف عندها طويلاً وأصبحنا نتعامل مع الحواجز الإسمنتية والخوذ العسكرية وهذه لم تكن معروفة في مصطلحاتنا الاجتماعية.
وأنت أيها الإرهابي ما زلت تقفز من بيت لآخر وتهرب من حفرة لأخرى والجميع يطاردك حتى أنك مطارد في الأحلام من الكوابيس فحياتك تحولت لأشباح تطاردك وكل حركة تقول لنفسك قبض عليّ وانتهيت (والعافية غنيمة) كما يقال، لذا هذه وصية لك بأن تسلم نفسك وترتاح للنوم ولو ليلة واحدة فما قيمة الحياة إذا كانت تموت كل ساعة وكل يوم، وكلما سلمت نفسك أسرع قلّت القضايا عليك وسهل خروجك منها، والسؤال البديهي كما في البداية إلى متى الهرب وما الهدف منه؟ والله لا أدري خاصة وأنه الآن مرت سنة كاملة على مشاكلكم والسؤال البسيط ماذا استفدتم من هذه السنة؟ وماذا حققتم من أحلامكم؟..
لم نر سوى اندحاركم وانهزامكم وتساقطكم كأوراق شجرة خبيثة تتساقط أوراقها في النار واحدة تلو الأخرى فهل من معتبر؟؟.