Wednesday 10th November,200411731العددالاربعاء 27 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

أحزان وردة!! أحزان وردة!!
فاطمة سالم السعيد /الدمام

تحضر كل يوم إلى المدرسة مبتهجة، وهي تتحدث عمَّا تنعم به من حنان أمها التي تحرص على توفير سبل الراحة والسعادة وتحرص على نومها مبكرة لتصحو مبكرة، وتبتهل بالدعوات على إحضارها للمدرسة كل صباح وإعادتها من المدرسة إلى البيت بكل رحابة واستبشار، وندعو معها نحن زميلاتها بأن يحفظ لها أمها الحنون ووالدها العطوف اللذين يهتمان برعايتها، وأعود إلى نفسي كل يوم بعد مشاركة زميلاتي البهجة بالدراسة معاً في المدرسة، والتعاون على حل الواجبات، أعود والتساؤل يلاحقني كل حين: أين والدتي الحنون؟ وأين والدي العطوف؟ كم كنت أتمنى أن أرتمي في حضن والدتي لأشعر بطاقة الحنان الدافئ التي تتحدث عنه بعض زميلاتي وأصغي مندهشة إلى حديثهن مستمتعة معهن وكأن والدات بعض صديقاتي اللاتي يشملنني بعطفهن كأنهن والدتي ولكن الشعور يتبخر إذا ذهبن عني وجلست وحدي أتساءل بيني وبين نفسي عن أمي وأبي، وذات صباح ذهبت وزميلاتي في رحلة مدرسية إلى أحد المستشفيات فزرنا (مستشفى الولادة) برفقة ثلاث من المعلمات، وشاهدنا الأطفال حديثي الولادة داخل الحاضنات الزجاجية، سرح بي خيالي نحو الطفولة، وما قبلها حين الولادة، وشتت سرحاني وذهولي سؤال إحدى الطالبات من زميلاتي للمعلمة: أين أمهات هؤلاء الأطفال؟ حاولت المعلمة القريبة مني أن تتجاهل السؤال، وهي تقول: شوفوا هذا الطفل الجميل، شوفوا هذه الطفلة الجميلة، أمهاتهم في غرف التنويم، ينطلق سؤال طفلة أخرى: لماذا؟ وأعيد أنا السؤال الأول بصيغة أخرى: هل كل هؤلاء الأطفال لهم أمهات؟ فأجابت إحدى المعلمات بسرعة وهي تداري دمعة نازفة: طبعاً، طبعاً، وانهمرت التساؤلات الطفولية البريئة عن مكان الوالدات (الأمهات) وكل منهن تشير إلى طفل أو طفلة (وأم هذا؟ وأم هذه؟) وسط ذهول المعلمات والممرضات المرافقات، وإحدى المعلمات تهمس في أذن إحدى الممرضات وأنا وعدد من زميلاتي نلاحق الإشارات والهمسات متطلعات والتساؤلات تلاحقني أنا وزميلتي (نورة) وزميلتي الشاردة (سهى) اللتين أعتقد أنه التساؤل الذي يؤرقني ويلح عليّ بعد ما شاهدنا معاً حاضنات الأطفال: أين أمي بعد الولادة؟ ومتى رحلت عن الحياة الدنيا؟ وأين أبي؟ ومتى غادر الحياة؟ أما زميلتنا (غربة) فهي تتساءل عن والدها الذي مات وهي صغيرة حيث عرفته من صورته التي لا زالت أمها (وفاء) تحتفظ بها في برواز في غرفتها للذكرى، كانت الرحلة المدرسية ذات أبعاد وتساؤلات رغم براءتها - أدهشت المعلمات والممرضات والمسؤولات في المستشفى وهن جميعاً يحتضنّ هذه الزهور بكل حفاوة وابتهاج، وبعد جولة في المستشفى شاهدنا لوحة مكتوبة بخط بارز جميل (الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى)، أثارت هذه فضولي وفضول عدد من زميلاتي وتساءلنا عن معناها، وحاولت كل معلمة، وكل طبيبة من اللاتي انضمت إلينا في الجولة تفسير معناها: إن الصحة تاج جميل، قاطعتها إحدى الطالبات الصغيرات: (إيش يعني تاج جميل يراه المرضى فقط)؟تلعثمت الطبيبة وهي تضيف: يعني أن المريض هو الذي يشعر بقيمة الصحة، سألت إحدى زميلاتي: وما هي قيمة الصحة؟ حتى الصحة وضعوا لها قيمة؟ دهشت المعلمات من السؤال واحتارت الطبيبات في الجواب وتصدت معلمتي (عزيزة) للإجابة: يعني يا بناتي نحمد الله على الصحة والعافية إذا افتقدناها بالمرض - لا سمح الله - نغبط الأصحاء على نعمة الصحة والعافية، واستطردت توضح - إن زيارتنا للمرضى تعرفنا عن معاناة هؤلاء المرضى من قسوة المرض وتعلمنا بواجب الوقاية والحذر وإدراك نعمة الصحة والعافية والسلامة!!
معلمتي تشرح الصحة والمرض وأنا وزميلاتي اليتامى نفكر في والدينا اللذين افتقدناهما في هذه الحياة بسبب المرض ونتمنى لو كانوا معنا لأضافوا لحياتنا معنى من معاني السعادة، صحيح كل شيء له قيمة في هذه الحياة، وكل شيء يعوض إلا الصحة والحنان، والحمد لله على كل حال.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved