Wednesday 10th November,200411731العددالاربعاء 27 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

عندما تنتحر الأبوة على صخرة الإرهاب عندما تنتحر الأبوة على صخرة الإرهاب
محمد بن كياد المجلاد / فرع هيئة التحقيق والادعاء العام بمنطقة الحدود الشمالية

الحمد لله الواحد القهار العزيز الغفار مكور الليل على النهار والصلاة والسلام على المصطفى المختار والصارم البتار على أهل الشرك والانكار صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحابته الميامين الأخيار.. أما بعد:
كنت سائراً في رحاب تلك المدينة القابعة في أمواج التطور والعمران وكأنها أوتاد صخرية قد ثبتت راسية في جوانب جبال السروات أحببت هذه المدينة إذ لي فيها أيام خلت فيما ما مضى من الزمن تخللت أيام دراستي الجامعية أتحسر على فراقها في كل يوم وأشتاق لها أياما أخر، ولكن تلك هي الحياة صغيرة تجمع المتفرقين وتشتت شعث المجتمعين..!
المهم تجولت في محبوبتي الصغيرة التي قد ظهرت عليها معالم البلوغ والنضج أوقفت مركبتي المتواضعة في شارع مظلم واستغربت من عدم إنارته مع أن الشوارع الأخرى تنير الظلام من حوله فتردد نفسي وحملني فضولها على تتبع هذا الشارع الغريب وأنا أتدرج في تضاريسه الصعبة عندها..!
لاح لي نور خافت يأتي من وراء الأفق لعله ان يجدد الأمل أو أن ينير ظلام النفوس في جوانبه الموحشة تحركت صخرة من أعالي بعض الجبال الصخرية المحاطة بهذا الشارع ألقيت قلبي ووليت هارباً خوفاً من سقوط صخور أخرى فوجدت عند أحد المنازل المهجورة طفلاً صغيراً يبكي فسالت أودية من محياه هذا الطفل البائس فاحتمل السيل زبداً رابياً ولامع بصيص من هذا النور على خده الحزين وكأن معالم البؤس ترسم قصتها على وجهه فقلت في نفسي لابد أن لهذا الطفل قصة ليست بأغرب من قصة هذا الشارع فدنوت منه ونبضات قلبي تقترب منه قبل خطواتي فقلت ما اسمك لعل هذا السؤال ان يفتح البوابة أمام قصته المحزنة ولعل أن يشرفني بسماعها، فرد علي بصوت خافت لا يكاد يسمع (أحمد) فقلت أحسنت يا بني مالي أراك يتفطر قلبك هلعاً وحزناً.. خيرٌ إن شاء الله فقال لي: دعني أحمل همي واسير به وحدي فقلت أنا أحب أنا أكون كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته) فقال: لا أريد أن أشغلك بهمي وغمي فقلت لا... لا... عليك فقال هاكها قصة تبكي منها القصص الأخرى وتنتحب من أجلها، فقصتي يا عم قصتي قد تردد صدى صوتها في الآفاق قصتي تعجز الألسن عن صياغتها كلما تكلمت بها شاح وجهها وتجمد لسانها وتكللت أطرافها، قصتي هي قصة عربية قد تحلت بأصوات غربية قصتي بدأت قبل ولادتي بدأت عندما منَّ الله على ابي بطريق الهداية وبالمنهج السليم الواضح الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: (لا يزيغ عنه إلا هالك فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ..) وعندما ذهب أبي إلى أحد أصدقائه وتعرف عنده على أحد المستقيمين الفضلاء الذي فيما بعد قد كشر عن أنياب مكره واستعار جلد الذئب بدعوى الاصلاح ولسان حاله يقول كما قال من هم على شاكلته فيما مضى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ {11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} فاتصل بهم اتصال الروح بالجسد فأخذت حال أبي تتدهور شيئاً فشيئاً فأخذ بالتفكير ولسان حاله يلهج بالتكفير وأخذ يصحح الاقوال ويضعف الرجال ويسب ويشتم كل من هب ودب فيرمي هذا بالكفر الصريح وهذا بالفسق الصحيح وهو كما هم أمثاله ممن ليس لهم نصيب من العلم {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً {53} أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ....} الآية، فهم يتخبطون في وديان الجهل والظلام وكأنهم خفافيش ليل قد أعمت بصائرهم شعاع نور الشمس والعلم المنير فأخذ أبي يهوي مع مرور الزمن وتتابع الفتن وتتبعه الثلة الفاسدة والكلاب الناعقة من أصحابه ويظنون أنهم يرتقون معالي الجنان ولكن هيهات بين الفريقين فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير وهم كما قال عنهم من أعرف بحالهم {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} فنظرت في حال أبي فوجدت الهم والغم يعتلي صهوة وجهه الذي اسود بعد انارته وتقطب جبينه بعد استقامته فإني والله ليس لي نصيب من العلم لكي أحكم على أبي وزملائه بالخطأ ولكن الحقيقة قد ولت هاربة من خلفهم وهم يبحثون في الارض لكي يجدوها هذا ما ظهر لي من خلال تتبعي لكلامهم المشحون بالغل والحقد على المسلمين عامة وكأن الله قد وكلهم بتصحيح عقائد الناس ومذاهبهم وسلوكهم وقد غاب عنهم قوله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}الآية، وهم بذلك قد تعدت افكارهم بيارق الحقيقة واستعان الشيطان بها لكي يضلهم الضلال البعيد ولكي يرفع لهم راية الزيف والمكر والخداع ظناً منه ومنهم أنهم على الصراط المستقيم ولكن مع استمرار ذلك الوضع على حاله قلت في نفسي لا بد أن أبي ورفقاءه يدبرون لشيء عظيم وخطب جسيم فقلت لابد لي من عمل شيء فلم استطع إذ ان الامور قد خرجت من يدي واستفحل الوضع وبدأت نواقيس الخطر تدق أجراسها فجلست بالقرب من التلفاز لكي أرتقب انفجار البركان وسيلانه على ضفاف بحر النكران فسمعت الخبر وقلت لعله قليلا ينتظر لكي أعرف هل لوالدي نصيب من هذا الخطر فقالوا وردد صدى صوت المذيع في التلفاز صمتي وبرقت دموعي وشرقت بها مهجتي وقلت قد قلت ولكن قالوا صغير يحتقر أمعقول ان يكون الحق مع صغار البشر هيهات أن ذلك من أعظم العبر فرددت بصوتي القديم قد صح يا أبي الخبر وضيعت دينك وراء هؤلاء النفر قد صح الخبر وها قد صح الخبر وصارت كلامتي على دفتر الحياة يستطر... مسحت دمعة هذا الصغير الذي ليس له لا في النفير ولا في النقير إلا انه قد كان صغير ولم يسمع منه والده هذا النذير لعله بعد موته وقتل نفسه بهذا التفجير ان تكون قد وصلت إليه صيحات الصغير وأصبحت أذناه تنعق بترديد الصفير من جراء هذا العمل الاجرامي الخطير ولعله قد تندم الفقير الذي يرفض من الخبز الكسير ويطمع باللحم الغزير فيا ليته قد أخذه لعل بطنه يشبعها هذا الكسير ولكن كما قال الشاعر:


لقد أسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي

هذه الكلمات أيها الاخوة قد ترددت في أعماق نفسي وأبيت ان أخرجها ولكن الامواج المتلاطمة في قعر قلبي قد طغت وسال لعابها وأبت الا الخروج الى حيز الوجود. وهذه رسالة مني الى كل من سولت له نفسه الخروج على هذا الوطن الذي يعظم شعائر الله في حين كانت القبور تعبد وتسرج وتطاف كما يطاف بالبيت العتيق من حولنا هذا البلد الذي قد حرمه الله وحمى بيته بحماية شريعة الله فيه كيف بالبلد الحرام والكعبة المشرفة، بل كيف بالشهر الفضيل الذي تصفد فيه الشياطين بل وكيف بشهر الغفران والقرآن لابد أن هؤلاء المخربين شيطاينهم قد غلت وصفدت ولكن شياطينهم الانسية لا تزال على قيد الحياة وصعب ازالتها إلا من رحم الله.
فهذا نداء قد كتبته لكل من يقرأه ان عليكم بالتوبة النصوح الخالية من كل شائبة والتقوى الملازمة لقلوبكم من كل عائب فإنكم سوف تقفون موقفاً طويلاً كان مقداره خمسين ألف سنة سوف تسألون عن النقير والقطمير والفتيل وسوف يحاسبكم اعظم حسيب وكفى بالله حسيبا وسوف تعرضون على الملك الجبار وأولادكم متعلقون بأعناقكم يسألونكم عما أجرمتم بحقهم فإنكم بفعلكم هذا قد ضيعتم الامانة التي في أعناقكم وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته وأبناؤكم عندما يلوح شبح الضياع الانحراف على مشارف حياتهم ويسلكون مسلكا خطيرا قد يكون مماثلا لما أنتم عليه أو أشد خطورة منه فعليكم بتقوى الله فهي خير الزاد لمن اراد يوم المعاد فلعل تجد هذه الكلمات آذانا صاغية وقلوبا واعية فإنها والله يشهد خرجت من صميم القلب ولعل الله ان يكتب لها القبول وتصل الى صميم قلب كل من سولت له نفسه أو سوف تسول بأن تكون نهايته كما هي نهاية تلك الفئة الضالة ،لعل الله أن يخرجهم من جحورهم أذلة صاغرين أو أن يتوب عليهم بعفوه وكرمه إنه سبحانه التواب الرحيم.
هذه كلمتي قد صغتها على لسان أحد أبناء الإرهابيين الذين قتلوا النفوس البريئة المعصومة صغتها بقلمي الصغير وهمتي الضعيفة التي لا تتعدى أبدا رأس قلمي فها أنا أخوكم سليل المجد قد شرفتني مشاركتي معكم وأرجو من الله أن تنال رضاه أولا وأخيراً وان تنال استحسانكم فما كان فيها من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ وزلل فمن نفسي والشيطان.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved