Wednesday 10th November,200411731العددالاربعاء 27 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

يارا يارا
منع الرسيفرات
عبد الله بن بخيت

في كل مرة أكتب مقالاً يتنازعني اتجاهان مرة الاتجاه الفلسفي ومرة الاتجاه العملي. ولكي أتفادى الكلام الفلسفي الذي لا أجيده كثيراً والذي لا يحبه كثير من القراء اضطر أن أضعه توطئة للاتجاه العملي. وأقصد بالاتجاه الفلسفي الإطار الفكري للقضية.
في مقال أمس الأول طرحت وجهة نظري من الناحية الفكرية في الرسيفر ومستقبله وعلاقته بالحضارة الإنسانية، طرأت الفكرة من أساسها عندما لاحظت أن الإخوة في الهيئة شنوا مؤخراً غارات على محلات بيع الرسيفرات في مدينة الرياض وصادروا ممتلكات الناس وحرموا بيعها.
لا شك أن كثيراً من الناس يعاني من الآثار الجانبية لهذه الرسيفرات لما جلبته من مشاكل ومناظر مخالفة لما اعتدنا عليه حتى أن بعضها يخالف القيم التي تنتظم الحياة في بلادنا. لا أعرف ما هي الزاوية التي انطلقت منها الهيئة في عملياتها هذه. هل تهدف إلى منع هذه الرسيفرات من الاستخدام والتداول نهائياً؟ أم أن المسألة مجرد مضايقة بائعي هذه الأجهزة والتنغيص عليهم قليلاً كما تفعل في بعض الأحيان مع محلات بيع الموسيقى؟ أم أنها حالة مؤقتة خاصة بشهر رمضان؟ أم أن الهدف تصريف أجهزة ورسيفرات قناة المجد حتى نفاد الكمية ثم العودة مرة أخرى إلى الرسيفرات الأخرى؟ كل الاحتمالات يمكن قبولها ومناقشتها إلا احتمال أن تتمكن الهيئة أو أي جهاز آخر على وجه هذه البسيطة من إيقاف تداول الرسيفرات ومنعها نهائياً. الرسيفر بكل تفاصيله والجوال بكل مميزاته (الكاميرا مثلا) ثم الإنترنت أصبحت جزءاً من حياة الناس ليس في المملكة فقط ولكن في العالم بأسره. من أراد التخلي عن أي منها كأنما أراد أن يعتكف في صومعة مظلمة ويكف عن الاتصال بالحياة الطبيعية مع العالم. لا أظن أن الإخوة في جهاز الهيئة يستطيعون إقناع الناس بالاعتكاف والكف عن مواصلة الحياة الإنسانية.
بعيداً عن مقاربة المستحيل هل تنبه الإخوة في الهيئة أنهم بمنعهم تداول الرسيفرات منعوا اتصال الحكومة بمواطنيها، منعوا الناس من مشاهدة القناة الأولى والقناة الثانية والقناة الرياضية والإخبارية، وهي كلها قنوات حكومية تصرف عليها الدولة ملايين الريالات سنوياً كما تصرف على جهاز الهيئة أو أي جهاز حكومي آخر.
لا اعتقد ان قضية كقضية الرسيفرات والجوالات بكاميرا وغيرها من القضايا الحديثة المعقدة يمكن ان ننظر إليها بهذه الطريقة المبسطة (امنع لا تمنع) فهذه قضايا تتعلق بالاتصال وبالمسألة الفكرية والثقافية وبتحولات معقدة حدثت في العالم. لا اعتقد ان لدى الإخوة في الهيئة القدرة أو الاختصاص للتعامل معها. فإذا كانت الرسيفرات تتضمن في بعض قنواتها شيئاً من المحظورات الأخلاقية فهذه من اختصاص وزارة الثقافة والاعلام كما يعلم الجميع فإن وزارة الثقافة والإعلام هي الجهة الوحيدة المخولة النظر في المواد الإعلامية وتحديد ما يصلح منها وما لا يصلح وتحديد الطريقة التي تعالج بها.
الشيء الذي لفت نظري كثيرا لماذا تمنع الهيئة كل الرسيفرات من التداول باستثناء رسيفر قناة المجد؟
الهيئة جهاز حكومي يفترض ان يكون أداة لتنفيذ سياسة الحكومة وحماية اتجاهاته الثقافية والفكرية. وكلنا نعرف ان قناة المجد قناة أهلية لا تمثل سوى فكر وتوجهات أصحابها الذين يصرفون عليها. فالقناة التي تمثل الشعب السعودي وتوجهاته الفكرية هي القناة التي تصرف عليها الدولة وتحمل شعارها. وهي القنوات الأولى والثانية والرياضية والإخبارية وهذه لا تتوفر لكثير من الناس إلا عبر الرسيفرات المفتوحة. ومنع الرسيفرات المفتوحة يعني قطع الاتصال بين الحكومة وبين كثير من مواطنيها خصوصاً أن بلادنا تمر هذه الأيام بمرحلة حرجة وحساسة نشأت أصلاً من سيادة اتجاه واحد.

فاكس 4702164
yara4u2


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved