Wednesday 10th November,200411731العددالاربعاء 27 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "دوليات"

أضواء أضواء
العجلة في اقتحام الفلوجة ستؤجج التباعد الطائفي
جاسر عبدالعزيز الجاسر

هل استعجلت القوات الأمريكية وحكومة علاوي في شن الحرب على الفلوجة لإخضاعها إلى سلطة الدولة، وتكون بداية لاقتحام مدن أخرى لا تزال خارج خارطة السيطرة الأمنية للحكومة العراقية، كالرمادي وسامراء وديالي والموصل إلى حد ما.
كثير من السياسيين العراقيين وبعضهم من المشاركين في السلطة التي نصبتها قوة الاحتلال سواء رئيس الجمهورية الشيخ عجيل الياور وبعضاً من أعضاء المجلس الوطني العراقي كالدكتور عدنان الباججي وغيرهم يرون أن معالجة المشاكل الأمنية لا تتم باستعمال القوة إلا بعد استنفاد كل أساليب ووسائل الحوار والتفاوض والصبر الطويل، وحتى استعمال القوة إذ ما اضطرت إليه قوات الحكومة وقوات الاحتلال يجب أن تستعمل بحكمة واعتدال لأن استعمال القوة العسكرية المفرط سيؤجج الأحقاد ويزيد شقة التباعد خاصة وان المقاتلين والمواطنين الذين يواجهون المعارك جميعهم من السنة العرب وهؤلاء الذين يشعرون بأنهم مستبعدون من العجلة السياسية الجارية في العراق ولذلك فإنهم مترددون في الاشتراك في الانتخابات القادمة، ولهذا فإن الهجوم العسكري لاقتحام الفلوجة، وهو أقصى استعمال للقوة المفرطة سيؤجج الأحقاد وقد يحدث طلاق تام بين من يمسكون بالسلطة وأهالي المدن التي تنوي القوات العراقية والمحتلة اقتحامها، وهذه المدن إذ ما أخذنا بالاعتبار تصريحات رئيس الحكومة اياد علاوي بأن تكون الفلوجة البداية، وهو ما يعني أن محافظات ومدناً عراقية أخرى كالأنبار (الرمادي) ونينوى (الموصل) وصلاح الدين (تكريت) وديالى (بعقوبة) إضافة إلى سامراء والمدن الصغيرة جنوب بغداد ستكون هي الأخرى هدفاً للقوات العسكرية التابعة للحكومة وقوات الاحتلال، مما يعني عزوف أهاليها عن المشاركة في الانتخابات القادمة، وحتى لو أجريت انتخابات وشارك بعض منهم فإنها لن تحظى بالمصداقية وستكون عرضة للشكوك والاعتراض.
ولهذا فإن اقتحام الفلوجة الذي بدأ منذ مساء أمس الأول (الاثنين) وتصاعد فجر الثلاثاء ستكون له عواقب وخيمة سواء على صعيد المعارك وحجم الخسائر التي ستتعرض لها القوات المهاجمة والقوات المدافعة على حد سواء، ورغم أن أرقام هذه الخسائر لن تعلن، إذ كل جهة ستضخم من خسائر الطرف الآخر وتخفي خسائرها أو تعلنها مخففة، إلا أن المعارك الأولية كشفت عن خسائر كبيرة.
أما على الصعيد السياسي فإن تفضيل خيار القوة العسكرية المفرطة، ألغى خيار التفاوض والحوار الذي تطالب به شرائح عديدة من المجتمع العراقي باستثناء المشاركين في حكومة علاوي، وهذا ما سيوجد شرخاً كبيراً بين فريق علاوي وساسة العراقيين وبالذات القوميين منهم والعرب السنة بالتحديد. مما سينعكس سلباً على مستقبل الانتخابات القادمة التي بدأت الأوساط الدولية تشكك في إتمامها في الموعد المحدد لها مستقبلاً في يناير (كانون الثاني) من العام القادم، إذ رأى الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا، أن الوضع في العراق لا يبعث على كثير من الأمل في إجراء الانتخابات العامة في هذا البلد في التاريخ المحدد كانون الثاني من عام 2005م.
لهذا التشكك الذي انطلق أوروبياً لا بد وأن ينسحب على القوى الدولية الأخرى باستثناء الأمريكيين لأنه حتى في حالة السيطرة على الفلوجة، لا يمكن التسليم بالسيطرة تماماً فلا أحد يضمن ألا يعود المقاتلون المعارضون لحكومة علاوي مرة أخرى إلى المدينة مثلما حصل في سامراء والرمادي.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved