ما قرأت، ولا سمعت من يتحدث عن القصة السعودية، الا ويتهمها بالتقصير ويتجاهل المتحدث ذكر بعض الأسماء التي تحاول، وإذا ذكر بها مط شفتيه، استغرابا واستخفافا. ويعزي الكثيرون سبب ذلك إلى حداثة عهدها.. والاهتمام بالشعر أكثر منها، لكن ما أراه قد يختلف قليلاً.. عما يقال.. ويكتب.
فالقصة تبشر بخير، وليست الأقلام الشابة التي تصافح وجوهنا على صفحات الصحف والمجلات المحلية إلا دليل مادي على هذا.
وإذا كانت القصية، لا ترى إلا نادرا، فذلك يعود إلى ندرة الذين يكتبونها.. لأنها فن جديد ومعقد يحتاج إلى وقت وتفكير وتتبع أكثر من كتابة القصيدة الشعرية. ولا تدل ندرتها على عدم جودتها- فما يكتبه، وما كتبه القصاصون ابتداء من حامد دمنهوري، وخالد خليفة، ومرورا بإبراهيم الناصر، ونجاة خياط، وصولا إلى حسين علي حسين والسندي واسالمي، وجار الله الحميد ولطيفة السالم وحصة التويجري ونور طاهر، وباقازي وباخشوين وأنور عبدالمجيد وكثيرون ممن لا تحضرني أسماؤهم.فيه من الجودة.. والتطور ما يثبت أن هذا الضرب يواكب مسيرة أمثاله في البلاد العربية.
لكن التقصير الذي لا زلت أؤكده.. هو أن كل من ذكرت ما عدا اسم أو اسمين.. يكتبون قصصهم ويستوحون أحداثها من خلال الروايات والمجموعات القصصية التي يطالعونها ويحاولون دائما اثبات ثقافتهم، حتى على حساب فنية القصة، فلم يتفاعل أحدهم تفاعلا جديا مع البيئة التي يعيشها والمجتمع الذي يعيش نقلة حضارية، مصاحبة بتغييرات جلية في أساليب التعامل والتعايش.
لم يكتب أحد مثلا -إلا النادر- عن الحي الذي يعيش فيه، أو عن التغيير الذي طرأ على صاحب عربة الكارو الذي منع من أن يعمل بواسطتها، وطلب منه أن يستبدلها بعربة آلية. عن الآلة.. التي دخلت دون مقدمات. واستغنى بواسطتها عن الكثير من الأشياء. والتعليم الذي انتشر. ألم تكن له نتائج إيجابية وأشياء كثيرة أخرى.. لم أقرأ - إلا في النادر- من يعالج هذه المشاكل ..ووددت لو أن هؤلاء القصاصين اتجهوا إلى الداخل.. وليتأكدوا أن جودة القصة ليست في العبارات المزوقة.. والتعابير الرشيقة بقدر ما هي بالجمل الصادقة التي تعبر بحرارة عن الموقف المعاش.
اسماعيل |