منذ أيام وأنا في هذه المملكة التي أزورها لأول مرة وانطباعاتي السريعة عنها هي أن المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود هو مؤسس هذه المملكة، وقد غير مجرى التاريخ ورسم للعالمين الإسلامي والعربي تاريخاً مشرقاً كثيراً ما تناولت هذا التاريخ يوم كنت أصدر في بيروت جريدة (البصير) الأسبوعية عام 1932م.
وأذكر وأنا في بلاد مهبط الوهي أني كتبت آنذاك أن حادث هجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة كان مبدأ التاريخ ولو لم يقترح عمر بن الخطاب أن يكون مبدأ التاريخ فقد هاجر النبي من مكة ليحدث حدثا جديدا في تاريخ الإسلام بل في تاريخ الدعوات الجديدة التي تشبه الإسلام أو تتشبه به، الحدث الجديد هو أنه وسع رقعة الدعوة بعد أن استعر الخلاف بينه وبين خصوم الدعوة ثم تناولت الملك عبدالعزيز ودعوته، وأذكر هنا أن جريدة (أم القرى) نقلت هذا المقال بحذافيره.
أما انطباعاتي عن نجله الملك فيصل فهي كثيرة جداً أنه بحق أمير المؤمنين في هذه الحقبة من تاريخ الإسلام، يتميز جلالة الفيصل بالصدق والرغبة الأكيدة في نشر الخير، وهو نزر الكلام ويزنه وزنا قبل النطق به يسبق عقله الراجح كلامه ولم يكن ممن يسبق لسانه عقله.
قال لي عنه المرحوم أمين الريحاني صاحب (ملوك العرب) أن لهذا الفتى النجيب مستقبلا خالدا في تاريخ المملكة ومعرفتي بفيلسوف الفريكه عبر انسباته الصادر حيث كنت أطبع جريدتي وبعض مؤلفاتي الأدبية.
ثم إن اهتمام الفيصل بالإسلام والمسلمين في كل أرجاء العالم ظاهرة تستحق التقدير والاحترام ومازلت أذكر بكثير من الاعتزاز كلمة جلالة الفيصل في الوفود الرسمية لبعثات الحج لقد كان خطاب جلالته جامعا عقبت عليه بمقال نشرناه في العدد 1795 من مجلة (العاصمة) ومما قاله جلالته في تلك الوفود وكان في عداد أفرادها مواطننا الأستاذ شفيق جدايل كبير المذيعين في محطة إذاعة لبنان قال جلالته: يجب علينا كمسلمين أن نعود كلية إلى إيماننا بربنا وإلى التمسك بعقيدتنا بإخلاص وعزيمة فبهذا يمكن أن نصل إلى ما نصبو إليه من عزة وكرامة وإلى دفع ما نتعرض له من نكبات ومن مصائب وأهوال. إننا أيها الأخوة لفي حيرة كيف نرى مقدساتنا تستباح وتستهان ومع هذا نجد أنفسنا عاجزين عن أن ندافع عنها أو أن نستردها من أعدائنا وكل هذا بسبب تفرقنا وتنابذنا وتخاذلنا فيما بيننا.!!
هذه الكلمات الذهبية لا يجرأ على النطق بها إلا صاحب الجلالة فيصل بن عبدالعزيز أمير المؤمنين بحق وخادم الحرمين الشريفين واني لفخور أن أكون جنديا تحت لوائه وسأبرز منجزات عهده الزاهر في الكتاب الذي سوف تلفظه المطبعة قريبا حاملا اسم (جلالة الملك فيصل رائد التضامن الإسلامي في العالم وقائد المسيرة الإسلامية).
وأخيراً أني أشكر لوزارة الإعلام في المملكة العربية السعودية بشخص وزيرها معالي الشيخ إبراهيم العنقري الذي أثبت أنه على مستوى المسؤولية وأن وزارته هي حقا وجه المملكة وصوتها ومرآتها التي تنعكس عليها مشاعرها ومطامعها وآمالها وأمانيها كما تكشفت لي بواسطة أجهزتها في الرياض وجدة حقائق قيمة سجلناها وفاء منا للحقيقة والسلام.
عبدالرحمن محمود الحص |