اطلعت على المقال المنشور بجريدة الجزيرة العدد 11704 وتاريخ 30-8- 1425هـ بقلم السيد زيد بن عبدالله آل عثمان. وأود أن أشكركم وأشكره على طرحه لمثل هذه القضية التي تمس حياة الناس حاضراً ومستقبلاً، كما أود أن أشير الى بعض النقاط المهمة التي وردت في المقال بالتعليق إن أذنتم لي، حيث ان أول ما يتبادر لذهن من يقرأ المقال تساؤل مهم جداً ألا وهو، هل فعلا ما ورد في المقال من حقائق تخفى على المختصين من علماء الاجتماع والادارة والاقتصاد والنفس؟!! وإذا كان الجواب بالنفي فلماذا إذاً هذا التأخير في المبادرة في حل مثل هذه القضايا؟!!، وأنا أعتقد جازما أن حصولنا على جواب على هذا التساؤل هو البداية لحل كل الاشكالية والقضايا التي تواجه مجتمعنا، حيث نواجه في الحقيقة كثيرا من التحديات الكبيرة التي تؤثر في حاضرنا ومستقبلنا، وخاصة المشاكل التي تواجه الشباب من كلا الجنسين، وقضايا المرأة، كإتاحة فرص العمل والكسب الشريف لهن، وتمكينهن من ممارسة العمل التجاري دون وكيل ينوب عنهن في كل صغيرة وكبيرة، وقضايا العنوسة، ومشاكل السائقين في البيوت، وقضايا الفقر التي بدأت بوادرها تطفو على السطح وما يجره من مشاكل وظواهر خطيرة، وكل هذه المشاكل والظواهر السلبية يرى المختصون ان حلها سيكون بإتاحة فرص العمل للشباب والشابات.
ولا أزيد على ما ذكر الكاتب حيث أشار بالنص الى ان عمل المرأة في أي مجتمع انساني وخصوصا مجتمعنا أصبح واقع تمليه وتفرضه الظروف الاقتصادية والاجتماعية والانسانية، ومن صواب وسلامة التخطيط أدرج عمل المرأة ضمن السياسات التنموية والاقتصادية باعتبارها قوة بشرية (يداً عاملةً) لا يستهان بها، كما أن للمرأة متطلباتها الانسانية التي لا تتحقق إلا بالعمل والكسب الشريف، طبعا إذا أخذنا بالاعتبار المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في مجتمعنا. كما أننا كجمتع اسلامي متكاتف ومتكامل يجب ان نعطي المرأة مجالا أوسع في العمل والتجارة للمساهمة في بناء مجتمع واقتصاد متكامل، كما أن عمل المرأة يرفع عن كاهلها العوز والحاجة ويحقق للأسرة دخلا ومستوى معيشيا أفضل أ هـ. وهذه الحقائق التي ذكرها كاتب المقال يتجاهلها البعض ويعتبر الخوض فيها بداية الخروج على بعض المفاهيم السائدة في المجتمع، وهذا في الحقيقة قصر نظر حيث اننا كمجتمع اسلامي يوجب التكاتف والتعاضد بين أفراد المجتمع كما أن من أعظم مقاصد الشريعة التيسير والتسهيل للناس في أمور دينهم ودنياهم، كما أن لكل عصر دولة ورجالا، حيث لكل عصر متطلباته وظروفه، وعصرنا عصر المدنية كأسلوب حياة، حيث اختفت أساليب العيش القديمة التي تعتمد على الصيد والرعي وتربية المواشي والزراعة، حيث كانت حياة الناس بسيطة وسهلة ومتطلبات الحياة محدودة في العصور السابقة. أما في عصرنا الحاضر فالأمر مختلف مما يوجب في الحقيقة ايجاد الأساليب والطرق التي تتواءم مع المستجدات الاجتماعية والاقتصادية، وتتماشى مع واقع الناس المعاش وتواكب روح العصر.
وقد اقترح كاتب المقال جزاه الله خيرا بعض الحلول للقضاء على ندرة فرص العمل للمرأة في مجتمعنا وأنا بدوري أضم صوتي لصوته وأدعو للأخذ بها وهي:
* تحويل بعض المصانع التي تجني أرباحاً بملايين الريالات مثل مصانع المرطبات والمشروبات الغازية والمواد الغذائية التي تمثل العمالة الوافدة السواد الأعظم من موظفيها الى مراكز لاستيعاب النساء، وذلك بإتاحة فرصة الكسب الشريف الذي سيعود عليهن وعلى مجتمعن بالنفع والفائدة العظيمة.
* إنشاء مصانع وورش داخل الأحياء الكبيرة لتعمل المرأة فيها كمصانع تجميع الأجهزة الكهربائية والالكترونية ومصانع النسيج وصناعة الملابس الجاهزة، والملابس العسكرية، ومصانع ألعاب الأطفال.. إلخ.
* اتاحة الفرص العمل للمرأة في محلات بيع الملابس النسائية والذهب والمجوهرات.
وقد يدعي البعض ان السواد الأعظم من نساء المجتمع غير مؤهلات عمليا ونفسيا واجتماعيا لمثل هذا المشروع الانساني والاقتصادي والاجتماعي، وأنا بدوري أنبه لنقطة مهمة جداً وهي أننا مجتمع ومؤسسات اذا لم نعترف بالمشكلة ونبدأ بوضع الحلول لها قبل فوات الأوان فلن ينفع الترقيع في المستقبل، وستتضح وتبرز الأعراض لمثل هذه المشكلة كتزايد نسبة الفقر والجريمة.
وقد أثار كاتب المقال اشكالية لا تخفى على المتابع والمعايش لأحوال المجتمع وما يدور فيه من اتجاهات فكرية وهي أن من يعارضون عمل المرأة يعتمدون في اعتراضهم ورفضهم على الجانب الأخلاقي!! والذي فنده الكاتب وأثبت ان الجانب الأخلاقي يوجب عمل المرأة، وهذا فهم حقيقي للمشكلة وللأخلاق والأخلاقيات.
وأنا في نظري ان الاقتراحات التي ذكرها الكاتب تعتبر حل عمليا وجذريا لمعالجة المشكلة، وبعيدا عن الكلام الفارغ الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.
كما ان كاتب المقال أشار الى ان الاختلاط حقيقة واقعة في مجتمعنا بشقيه، الاختلاط المنضبط كالذي يحصل في الأسواق وفي الحدائق.. الخ، والخلوة في بيئة العمل كالتي تحصل في المستشفيات وبعض قطاعات العمل التي قد يترتب عليها بعض التجاوزات، حيث ان الاختلاط بشقيه حقيقة واقعة ليس له بديل ولابد منه في كثيرا من الأعمال كالطب والتمريض وممارسة المرأة لحقوقها الشرعية والقانونية من بيع وشراء وترافع أمام القضاء.. الخ. حيث أشار كاتب المقال الى ذلك بحل يكون بسن القوانين التي تحمي حقوق المرأة من ان تستغل أو تهضم حقوقها في بيئة العمل وخارجه، وهذا النوع من الاختلاط يجب علينا أن نعترف بوجوده وبعدم امكانية تلافيه وفي حالة اعترافنا بهذه الحقيقة فسنوجد الآلية والتنظيم والاجراءات الصحيحة التي تنظم هذا الاختلاط لحفظ حقوق المرأة. (وهذا ملخص كلام الكاتب). وفي الحقيقة وقفت كثيراً عند هذا الكلام، ووجدت ان هذا الكلام حقيقة واقعة وليس منه مفر فلماذا التأخير إذاً في تطبيق الحلول ووضع القوانين التي تحمي الحقوق بحيث تتاح فرصة لعمل المرأة في مجتمعنا بما يضمن القضاء على المشاكل التي تعاني منها المرأة والمجتمع بشكل عام.
وفي الختام أضم صوتي لصوت كاتب المقال، وأرجو من ذوي الاختصاص من علماء الادارة والاقتصاد والشرع والاجتماع والنفس، ورجال الأعمال أن يتحملوا مسؤوليتهم كل حسب اختصاصه وأن يبادروا لحل هذه المشاكل والقضايا التي تواجه المجتمع، وبما يحقق مصلحة مجتمعنا واقتصاد بلادنا ويجعلنا نموذجا يحتذى به.
ولكم جزيل الشكر
سلطان محمد الرميح/الرياض
|