لقد غير العلم الكثير من مظاهر الحياة التي نعيش فيها فاكتشفت العديد من المخترعات والآلات التي خدمت الإنسان بشكل كبير ووفرت له الوقت والجهد وساهمت في تحقيق رفاهيته وتغير حاله على مر العصور من حيث ملبسه ومظهره، وهذا هو المحور الذي سوف نركز عليه لكي نتعرف على أثره على حاضرنا الذي نعيشه وعلاقته وارتباطه بشخصية الفرد نفسه الذي يعكس فيه المظهر أشياء كثيرة مهمة منها مستوى الثقافة والتعليم ودرجة المستوى المعيشي ويعطي الصورة الحقيقية عن بيئة ومحيط الفرد.
فإذا أخذنا واقع الفرد في العمل فإن مسألة المظهر تكون ذا تأثير كبير، فهناك أعمال تتطلب الالتزام بمظهر يخدم طبيعة العمل وخاصة العمل المكتبي الذي يمثل في حاضرنا أغلب الاعمال التي تتسابق في بعضها الى توفير جو يساعد الموظف او القائم بالعمل على الانتاج وذلك من خلال مكاتب فخمة أحيانا ولكن هل كل فرد يشغل تلك الاعمال المكتبية إذا كان على درجة كبيرة من الاهتمام بمظهره يعتبر شخصا ناجحا أو بارز وبغض النظر عن طبيعة عمله أعتقد أن هذا غير صحيح إننا نجد في بعض الأحيان عكس ذلك فربما تجد أن هناك من يفتقد الى العناصرة بمظهره ولكنه مبدع في عمله ونحن لا نريد أن نشيد بالإهمال الذي يقع فيه بعض العاملين في القطاع المكتبي ولكن نشير فقط إلى أن الابداع لا يرتبط اطلاقاً بالمظهر، ولو تركنا جانب العمل ونزلنا الواقع لوجدنا أن هناك الكثير منا ممن يحكمون على الانسان من خلال مظهره وهيئته، وهذا يعتبر خطأً شائعاً هو المسيطر علينا، فنحن في عصر المظاهر ولا أدري كيف يغيب عنا الشخصيات البارزة التي قرأنا عنها على سبيل المثال في الأدب كانت ذات هيئة ومظهر جاء وصفها في بعض الكتب بأنها كانت دميمة الخلقة ورثة الثياب لكنها خلدت اسمها في الأدب من خلال ذلك العطاء المتميز سواء كان في الشعر أو النثر والشواهد كثيرة، إذاً نقول إن العبرة تبقى في الجوهر وليس في المظهر وتبرز أكثر عند الخوض في النقاش أو الحديث ولا يخفى علينا حادثة الإمام أبي حنيفة عندما دخل عليه رجل ذا هيئة عظيمة من حيث اللباس فما كان من أبي حنيفة إلا أن ثنى رجله احتراماً له على الرغم من شعوره بألم فيها، ولكن عندما سأل هذا الرجل أبا حنيفة وقال: هل الرجل يحيض؟ فبادره وقال: آن لأبي حنيفة أن يمد رجله.. فدل ذلك على أن المظهر والهيئة لا يعبر عن حقيقة الفرد.
يقول الشاعر :
لا يعجبنك أثواب على رجل
دع عنك أثوابه وانظر إلى الأدب
فالعود لو لم تفح منه روائحه
لم يفرق الناس بين العود والحطب |
ويقول الشاعر:
لا تحقرن فتى لرث ردائه
و تكرمن فتى بدا في سندس
لا يخفض الإنسان أو يعلو به
خلق الثياب ولا جديد الملبس |
|