Tuesday 9th November,200411730العددالثلاثاء 26 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الرأي"

احترام المعلم طريق للنهوض بالتعليم احترام المعلم طريق للنهوض بالتعليم
محمد إبراهيم آل لطيف - الرياض

سعادة رئيس التحرير حفظه الله ...
آمل نشر مقالتي هذه في جريدتنا الغراء ولكم الشكر الجزيل.
النقد الاجتماعي الهادف لأي قضية هو سبب في ارتقائها ومعالجة أخطائها، والمرض الذي لا يصحبه ألم قد يتحول إلى قاتل صامت، بينما الألم الذي يحس به المريض هو رحمة من الله لأنه يدفعه للعلاج.
والتعليم قضية كبرى في حياة أي أمة واعية، وهمٌّ دائم يشغل أفراد المجتمع لأن مستقبل الأمة يرسم عن طريق تعليمها، والأمة التي تهتم بالتعليم وأساليبه وطرقه هي الأمة المرشحة لتتبوأ السيادة وتتولى دفة القيادة للأمم، ولذلك فالتعليم وهمومه ينطوي على مفارقات وتناقضات والتباس وسوء فهم وتضخيم للأخطاء ونشر للسلبيات، وفي البيوت والمجالس ووسائل الإعلام أحاديث وهمز وغمر للتعليم والمعلمين بالتحديد، والأصل في أقوال هؤلاء حسن النية، وأنهم يسعون للكمال والكمال لا حدود له.
ولكن من الإجحاف الواسع وإبعاد النجعة الإلقاء باللائمة الكبرى على فئة المعلمين وجعلهم السبب فيما جرى ويجري من الأحدث، ورمي هذه الفئة بفشل التعليم أو كثرة سلبياته، وتناسوا أن من يقف خلف نجاح العملية التعليمية أو فشلها ليس فئة واحدة، بل شبكة من العوامل، ومن المجازفة والتطرف في الحكم رمي النجاح والفشل وتجييره لفئة واحدة وعامل فريد..بل لا بد من العلم ان الأحداث الجارية حولنا وفي محيطنا وما يراه الطالب على الشاشات الفضية والعنكبوتية وما يلمسه من استقامة لشخصية الوالدين واتزانهما يسهم الى حد كبير في تشكيل نفسيات الطلاب وشخصياتهم، فالمعلم بريء من التهم وحقه علينا أن نحترمه ونجله ونقدره، لأنه يؤدي رسالة عظمى وأمانة كبرى ويمارس مهنة شاقة هي أم المهن وأشرفها، ويستنزف من عقله ونفسه وجسده.


يجود بالنفس إن ضن البخيل بها
والجود بالنفس أسمى غاية الجود

والمعلم يسعى جاهدا لتحقيق الهدف الأسمى وهو صياغة الإنسان الصالح، فالمعلم هو المصدر الأعظم لتكوين العقل السليم والشخصية السليمة، وصياغة أسلوب الحياة.
ولذلك فحق علينا لهذه الفئة الاحترام والتقدير، لأن دورهم أساسي في التعليم ومن غير احترامهم والنهوض بهم وتشجيعهم وتصويب أخطائهم بالأسلوب الأمثل، من غير هذه العوامل لا يمكن الحديث عن تقدم التعليم مهما أنفق عليه من مال وهيئ له من أسباب.
واحترام المجتمع ومؤسساته للمعلم ليس لشخصه فحسب، بل هو في الحقيقة احترام للعلم الذي يحمله وللنظام التعليمي الذي خرّجه لنا معلماً ولمؤسساتنا التي تعلّم فيها والعكس بالعكس تماماً.
واحترام المعلم ليس مسؤولية الطلاب وحدهم بل المجتمع كله، لأنه صاحب فضل يستوجب الشكر والعرفان، لأن ما يقدمه المعلمون للمجتمع هو نوعية جديدة للحياة من الأشخاص، الذين صاغوا شخصياتهم وبنوا عقولهم وداووا جروحهم الغائرة التي لا تستطيع أحياناً الأسرة مداواتها وملامستها.
وإذا أردنا أن نعرف فضل المعلم يجب أن نقارن بين الأمي والمتعلم، والفرق بينهما يصنعه المعلم. فلنطلب من المعلم تعزيز الانتماء لمجتمعنا وبلدنا ومقدساتنا وكتاب ربنا، وليغرس هذا في نفوس أبنائنا، وعندها ستضعف وتتلاشى النظرة العدوانية وستخمد فكرة الميل للتخريب والتفكير بالانتقام.
وليكن دورنا نحو المعلم الاحترام والتقدير والتشجيع وطرح الأفكار الإبداعية عليه والخيارات الجيدة لمعالجة مشاكله التعليمية، ولندعهم للتخلص من الانغلاق والانكفاء على الذات لأنهما سبب في الترسب والعفونة، والانفتاح سبب لدخول الهواء والضوء فيتجدد النشاط وتزداد الحيوية وينتج الإبداع والتميز، ولنحذر من الاستخفاف بالمعلم، لأن الطبراني روى في الكبير عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم (ثلاث لا يستخف بهم إلا منافق، ذو الشيبة في الإسلام، وذو العلم وإمام مقسط)، ولقوله صلى الله عليم وسلم (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) رواه الترمذي وقال حسن غريب صحيح، ولقوله صلى الله عليم وسلم: (... وتواضعوا لمن تعلمون منه).
فالمعلم جدير بالاحترام لعلمه وعمله الذي يؤديه ولأنه نور يضيء الطريق للسالكين في الدنيا، وشفيع إذا صدق يوم القيامة، وأجره يكتب له وهو ميت إلى يوم القيامة.


إذا مات ابن آدم ليس يجري
عليه من فعال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل
وغرس النخل والصدقات تجري
ووراثة مصحف ورباط ثغر
وحفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي
إليه أو بناء محل ذكر


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved