قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ، فَجَاءتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} إن من تدبر آيات القرآن الكريم كدستور حياة فيه هدى للناس، وذكرى للمؤمنين، ونذير للعالمين، وبشرى للمتقين, ورحمة للمحسنين، يخرج بدروس منوعة من التعامل، والأخلاق، والقيم والسلوك، في جميع مناحي الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإدارية ومن الدروس الإدارية التي يتضمنها القرآن الكريم ما ورد في الآيات السابقات من سورة (القصص) والتي تحكي قصة سيدنا (موسى) عليه السلام وهذه القصة تحتوي على (عقد عمل) متكامل الأركان بين الطرفين من حيث:
- مدة العمل {ثَمَانِيَ حِجَجٍ}.
- الأجر {لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا}.
- شروط ومتطلبات العمل {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}.
- أخلاقيات العمل {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ}.
- شروط أخرى {فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ}.
- قبول الطرف الآخر {قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ}.
هذا درس إداري من الدروس العظيمة في هذا الكتاب المبني وغيره كثير لمن يتدبر آياته، ويتلوه بفكر وبصيرة كما يدعونا إلى ذلك دائماً.
جعلنا الله ممن يتدبرون القرآن ويعملون بهديه، والله الموفق.
(*) مدير عام المراجعة بوزارة الخدمة المدنية |