رحم الله أخي وصديقي وابن عمي وخال أولادي الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن بن زامل الدريس الأمين العام للجنة العليا لسياسة التعليم. الذي وافاه أجله المحتوم إثر إصابته ليلة الأحد بنوبة قلبية.. أدخل على أثرها مستشفى التأمينات ولكن ما من الموت مفر:
وإذا المنية أنشبت أظفارها
ألغيت كل تميمة لا تنفع
لقد أخفى عليَّ أولادي خبر وفاته.. حتى ساعة كنت أتسحر أنا وابني سامي في البيت، حيث قسّط عليَّ الخبر تقسيطاً رحيماً.. وأعطى فيه جرعة بعد جرعة.. وكل جرعة أثقل من سابقتها..حتى وصل بي إلى ما انتهى إليه الأمر.. وهو انتقاله إلى جوار الله.. وهي طريقة جيدة ومتبعة لدى الكثير من الناس الذين يريدون تخفيف وقع الحادثة على نفس المخبر بها وتهيئته لتقبل النهاية المؤلمة.
***
ماذا يمكن لمثلي أن يقول عن مثله..؟
لقد كان عصامياً.. وشابا حيويا.. ترك والديه وإخوانه الذين كانوا يسكنون (حفرالباطن) وانتقل منه بعد حصوله على الشهادة الابتدائية إلى الرياض لمواصلة دراسته المتوسطة والثانوية والجامعية، وقد سكن أثناء هذه الدراسة عند أخيه الأكبر زامل - رحمه الله - وعاش معه ومع ابنه اللطيف الودود المهذب عبدالله بن زامل الدريس الوكيل (حالياً) لوزارة الصحة لشؤون المختبرات وبنوك الدم في المملكة وفقه الله.
***
بعد أن تخرج في جامعة الملك سعود.. ابتعث للدراسة العليا في أمريكا.. وحصل هناك على شهادتي الماجستير والدكتوراه في علوم التربية والتعليم.
والتحق بوزارة المعارف موظفاً نشيطا وبارزاً حتى وصل بكفاءته الإدارية وقدراته التربوية إلى (وكيل الوزارة المساعد). ومنذ ما يزيد على السنة رفع إلى المرتبة (الخامسة عشرة) أمينا عاما للجنة العليا لسياسة التعليم.
أسأل الله جل وعلا أن يخلف عليه نجاحاته في العمل بثوابها له في الآخرة.
لقد كان - كما وصفته وزارة التربية والتعليم في نعيها له - أخاً عزيزاً، وصديقاً حميماً، لكل منسوبي الوزارة، كما أنه قد أسهم في خدمة التربية والتعليم في المملكة.
عرفت في أخي إبراهيم كثيراً من الخصال الحميدة من أهمها استقامته الفكرية، ونفسه المرحة، ودماثة خلقه، وجميل حديثه، وذاكرته العجيبة التي كان يغبط عليها، حيث يورد الحدث الفلاني صغيراً كان أم كبيراً، بيومه، وشهره، وسنته، بل بساعته، وإن بعد العهد به، ذاكرة (مصفحة)، لا يخترقها رصاص النسيان..!
- مثلاً - فهو يذكر كان عني وعن حركتي في الحياة أكثر بكثير.. مما أذكره.. وقد قال في آخر جلسة من جلساتنا - بعد صلاة الجمعة - قبل رمضان - حيث تعطل الجلسة في هذا الشهر المبارك.. قال لي: إنني أنوي أن أكتب رؤوس أقلام عن حياتك وأعطيك إياها لتأخذ منها ما يجدد ذكرياتك، إن شئت، فشكرته، وقلت له خير البر عاجله. وجزاك الله خيراً. ولا أدري حتى الآن هل كتب شيئا مما تحفل به ذاكرته الذهبية أم انطوى ما فيها مع طي حياته..؟!
لقد كان نقي السيرة والسريرة، طيب القلب، لا يحمل كراهة ولا حقداً على أحد ولا يتأتّى منه الأذى ولا الإيذاء مهما قل أو صغر.. إنه من نوادر الرجال الفضلاء.. ولذلك كثر أصدقاؤه الذين يحملون مثله الفضل والنبل، والأخلاق الحميدة.
رحم الله فقيدنا وأسكنه فسيح جناته وجبر الله مصيبة أولاده ووالدتهم وإخوانه وأخواته واللاتي منهن أم عبدالعزيز وجميع أسرة الدريس.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
|