عن أي صفات الفقيد ومناقبه أكتب، بل عن أي سماته ومنجزاته أتحدث، وأنا المكلوم في فقده، والمُعزي في وفاته، فمشاعر الحزن والأسى تجعلني لا أستطيع أن أعبّر عن أحاسيسي تجاه مُصابنا الذي حلّ بنا مساء السبت الثالث والعشرين من رمضان لعام ألف وأربعمائة وخمسة وعشرين، حيث انتقل إلى رحمة ربه الأخ الحبيب الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن الدريس، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته.
لقد كان رحمه الله مثالاً يقتدى فإذا حلت الصلاة رأيت أمامك الخاشع المتبتل فقد كانت الصلاة قرة عينه، والقرآن الكريم نور قلبه*، وإذا ألفيته في عمله يتبادر إلى ذهنك مباشرة قول الله سبحانه وتعالى {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }.
وإذا اطلعت على أعماله ومنجزاته رأيت أمامك تطبيقاً عملياً لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه).
أما إذا حضرت مجلسه فأنت أمام إنسان نسيج وحده في دماثة الخلق، وطيب الكلام، وجميل المزاح يداعب الصغير، ويُدخل البسمة على الكبير بأسلوبه الخاص إنه يتمثل في سلوكه وكلامه قول الرسول صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة) فمجلس أبي عبدالرحمن لا يمل سواء كان في عمل أو خارجه، فكل الآذان مُصغية لطيب الحديث المتدفق بعفوية لا تكلف فيها.
وإن أردت الحكمة وصواب الرأي، فهو صاحبها وابن بجدتها - يقول كلمة الحق بكل وضوح - وصدق وقوة حتى انك لتعجب كيف تتمثل في شخصيته كل هذه الصفات الحميدة الراقية.
أما جهوده في العمل الخيري التطوعي فحدث ولا حرج فقد عرفته وهو طالب في البعثة شديد الحرص على التعريف بالإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد أسس مع بعض أقرانه لجنة لدعوة غير المسلمين وعندما عاد من البعثة استمر عمله في هذا الجانب حيث كان من أوائل من خطط وأشرف على برامج دعوة الجاليات، إنه يعمل في هذا المضمار انطلاقاً من قول الحبيب عليه الصلاة والسلام (لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمر النعم).
أما جهوده وإنجازاته في وزارة التربية والتعليم فهي شاهدٌ على تميزه فعمل معلماً، فأستاذاً في مركز العلوم والرياضيات ثم مديراً عاماً لكليات المعلمين حيث تم في عهده أهم حدث في مجال إعداد المعلمين بالمملكة حيث طورت الكليات المتوسطة ثم عمل مديراً لخدمات الطلاب فوكيلاً مساعداً للتعليم الموازي وأخيراً أميناً عاماً للجنة العليا لسياسة التعليم، فرحمك الله أيها الأمين في قولك وعملك ومسلكك، فكلنا يا إبراهيم يوم وفاتك نعزي بعضنا البعض الجميع أهلك وأحبابك.
رحمك الله وقدس روحك في عليين، وأدعوه سبحانه أن يلهم أم عبدالرحمن وعبدالرحمن وسعد وكريماتك وكل أهلك واخوانك الصبر والسلوان، فالعين تدمع والقلب يحزن وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون.
* {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ}
* وكيل وزارة التربية لكليات المعلمين |