الإشكال الذي يفرقنا يكمن في اختلاف الصورة الذهنية للمفاهيم والقيم والأخلاق التي نشأنا عليها وليس فيها كقيم عالية نعتز بها.. ولكن شيئا من سوء الفهم يجعلنا نفهم شيئا لم نقله حول تلك المعاني لأن كل منا قد أطر تلك المفاهيم من خلال وجهة نظره هو، وإذا ما استمر هذا التأطير الذهني الخاص يفعل فعله في سياقنا الثقافي فإننا حتما نقع في محظور ثقافي نغلق به أبواب المعنى بالشكل الذي تموت معه الحياة وينتهي به توليد معاني أخرى جديدة.المعنى متاح للجميع.. يظهر وفق منظومة من التجارب التي يتبناها الفرد في حياته، ويتشكل بها نموذج العالم الذي يؤمن به، وتتحدد بها الخارطة الذهنية للواقع، فهي صحيحة من وجهة نظره هو، ولكن ليس بالضرورة هي صحيحة من وجهة نظر الآخرين.. لذلك نقول هناك ستة مليارات خارطة ذهنية بشرية عن الواقع أي بنفس عدد سكان الكرة الأرضية.مثل هذه المفاهيم تحيلنا إلى أهمية احترام نموذج العالم لدى الآخر، وأن ذلك انعكاسا لمرجعية ثقافية صبغته بشكل يختلف عني وعنك وعن كل البشر، في حين تبقى ثوابت دينية معينة لا نختلف عليها لأنها فعل إلهي وليست فعل بشري، وهذه الثوابت تتحدد في النصوص الأصلية وليس في النصوص الثانوية الموازية التي تتمثل في الجهد البشري مثل التفسير والشروحات والاستنباطات وغير ذلك.
لهذا نقول: ثمة فرق شاسع بين الدين الإسلامي كدين وبين الثقافية الإسلامية. الدين فعل إلهي ثابت لا نختلف حوله والثقافة الإسلامية فعل بشري قابل للنقاش والتوليد والتصحيح.
الفرق المؤدلجة أيا كان نوعها وشكلها ومكانها ظهرت كمشكلة يوم احتكرت المعنى ووضعت له ملامح محددة ورسمته بأشكال معينة فيما أقفلت أي معنى آخر غيره، بل رفضت كل من يقول بغير ما تقول به تلك الفرق.
هنا يكون الإنسان قد مات لأنهم قبل ذلك أماتوا المعنى.
المعنى المطرد هو سر الحياة وليس أهم منه سوى قطرة الماء.
|