Monday 8th November,200411729العددالأثنين 25 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "شهر الغفران"

الأندلس..أرض المسلمين التي زالت الأندلس..أرض المسلمين التي زالت
عبدالله القاق

تعتبر الزيارات الرسمية أو الرحلات العلمية أو المشاركة في مؤتمرات ثقافية كما هو الحال معي عندما دعيت للمشاركة في دورة (ابن زيدون) التي نظمها الأستاذ عبدالعزيز البابطين رئيس مجلس أمناء جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري من أمتع الرحلات في حياة الإنسان المثقف للاطلاع على عادات الدول الشقيقة أو الصديقة بالإضافة إلى أنها تجسد أواصر وجدانية وروحية عديدة في هذه البلاد وبخاصة إذا كانت الأندلس. ففي زيارة لي إلى قرطبة منذ أسبوعين لحضور الدورة التي شارك فيها وزراء عرب وأجانب ومفتي مصر الدكتور علي جمعة ولفيف من السياسيين والقياديين العرب والأجانب حيث ناقشوا بإسهاب قضايا حوارية متعددة حول الإسلام والعولمة والتطرف وأجمعوا على أن الإسلام دين تسامح وسمو بعيداً عن الغلو الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة الأمريكية وتسعى إلى إلحاق التهم الجزاف الباطلة ضد المسلمين بأنهم يرعون الإرهاب ويمولونه، كما لاحظنا ذلك في محاضرة الدكتور جالديف الذي أشار إلى أن الإرهاب نابعٌ من الشرق الأوسط وخصوصاً المسلمين الذين يقدمون للإرهابيين كل الدعم والتأييد، وهو ما حرص وزراء عرب على نفي هذه التهم، والتأكيد على أن أمريكا هي التي ترعى إرهاب الدولة الذي تقوم به إسرائيل في الوقت الحاضر ضد الفلسطينيين بدعمٍ واضح وغطاءٍ دولي لاعمالها في مجلس الأمن الدولي.
ففي زيارة إلى قرطبة لاحظنا اقتران اسم الأندلس بتاريخ طويل فاجع حتى ليرادف المأساة بأوسع معانيها وبالإمكان بعد هذه الزيارة إعداد الدواوين حول هذه المأساة التي تدمي القلوب مما زخر لنا من عواطف جياشة، خاصة أن العرب فتحوا الأندلس في فترة قصيرة ولاسيما أن هذه الرقعة لا تزيد مساحتها على أرض الشام إن لم تقل عنها حيث اكتفوا بهذا النصر وتركوا لعدوهم الأرض الوعرة في الشمال فلم يتوغلوا بها ولم يتتبعوا عدوهم آنذاك وتلك غفلة منهم وجّه إليهم اللوم كل مؤرخ حيث تمكن هذا العدو من تلك الأوعار في الشمال وجعل يتقوى ويتربص بهم الدوائر.
والواقع أنه كما تقول الكتب التاريخية في جامعة قرطبة التي حظيت بالاطلاع على معالم المدينة التاريخية والحضارية والتي استضافت هذا المؤتمر ان العرب رزقهم الله بثلة من الرجال العظماء فأقاموا على الأرض الإسبانية حضارة وارفة الظلال ما تزال آثارها حتى اليوم تدر على إسبانيا الخير العميم بحيث مواردها السياحية في عام 1962 حوالي 500 مليون دولار والآن زادت على عشرة مليارات دولار حيث يزيد عدد السياح إليها على 65 مليون سائح في كل عام وهي الدولة الثانية بعد أمريكا من حيث السياح الذين يقصدون قرطبة بالذات، وبخاصة المسجد الجامع في قرطبة التي تحول إلى كنيسة كبيرة وهو قطعة زخرفية جميلة بها (900) عمود وصمم بصورة تأخذ الألباب بحيث يستطيع هذا المسجد في بادئ الأمر أن يجذب المسلمين من أرجاء أوروبا للتعلم بدينهم القديم، فضلاً عن قصر الحمراء في غرناطة وقصر إشبيلية ومناراتها والزهراء والتي اتيحت لي الفرصة لزيارتها والتي تجمع اثاراً وأحياء عربية من الطراز البديع.
غير أن الذي فرط بالأندلس هو اهتمام أمراء الطوائف بالمظهر وترف الزينة وبناء القصور والجنان والجلوس للندمات والشعراء والمغنيين والمطربين.. حيث لقبوا بألقاب الخلفاء حتى قامت للأسف في كل بلد دولة منها كما قال لي أحد أساتذة الجامعة القرطبية منها: الدولة الزيرية في غرناطة والدولة الحمودية في (مالقة) والدولة اليهودية في سرقسطة ودولة بني الأفطس في بطليوس والدولة الجهوية في قرطبة وغيرها وللأسف كانت كل هذه الدول تحترب فيما بينها فضلاً عن ابتعاد ملوك وأمراء الطوائف عن الشعب كما حدث مع إدريس بن يحيى أحد الملوك الصغار الذي لم يظهر لرعيته وإنما ينشد المدائح ويسمع الغناء من وراء حجاب اقتفاء لطريقة بعض الخلفاء بني العباس. وأمام هذا الوضع عمت الفتن أرض الأندلس وصبغت بالدماء انصياعاً لأهواء الحكام الذين جعلوا الحكم غصباً وسرقة فضاعت البلاد والعباد ويصور هذا الهول العظيم الإمام ابن حزم الأندلسي الذي رجعنا من تكريم ذكراه في مهرجانه في قرطبة. لقد كانت هذه الزيارة دراسة واقعية لأرض الأندلس التي حلت بها النكبات والفاجعات نظراً لتفرق كلمات زعماء هذه الدول ونزواتهم التي جلبت هذه العاقبة والنهاية الوخيمة على بلاد الأندلس


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved