Monday 8th November,200411729العددالأثنين 25 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في "محليــات"

بالأمس كنت راثياً.. واليوم أصبحت مرثياً بالأمس كنت راثياً.. واليوم أصبحت مرثياً
محمد بن أحمد الرشيد

الحمد لله على قضائه وقدره..
فجعنا- مساء البارحة - بفقد زميل عزيز، له مكانته المرموقة في العمل التربوي، وله عطاؤه المتميز، ذلكم هو الأخ الغالي الدكتور إبراهيم الدريس، رحمه الله، وأكرم مثواه، وأعلى مقامه عنده.
أنهى صلاة التراويح، ثم فارق دنيانا بعد سويعة ضاق فيها صدره، وألم به ألم مفاجئ، أعقبه الرحيل من دار الفناء إلى دار البقاء.
أصابنا الذهول! نعم إنَّ الموت حقٌّ، ولكن الفجأة لها وقعها الخاص: دهشةٌ وتحير وصعوبة في استيعاب ما جرى.
لم أستطع أن أحبس نفسي عن البكاء! إني أعرف أخي إبراهيم حق المعرفة: رجل خبير في الميدان التربوي، ذو تجارب غنية عميقة، راصد ممتاز للأحداث التربوية، كان بالنسبة إلينا سجلاً حيّاً، لم نحتج مرة إلى الاستفسار عن حدث تربوي إلا لجأنا إليه فوجدنا عنده المعلومات الدقيقة المفصلة: اليوم الفلاني، والتاريخ الفلاني، ومكان كذا وكذا.. إلخ.
كان رجل المهمات - على صمته وتواضعه - تسند إليه المهمات الحيوية فيقوم بها خير قيام، إلى جانب كونه (الأمين العام للجنة العليا لسياسة التعليم).
كانت قدرته على المتابعة عالية، وكان ذا مهارة في كتابة التقارير العميقة عن العقبات التي تحول دون تحقيق الغايات التربوية، واقتراح الحلول للتغلب عليها.
وكان- رحمه الله - صاحب روح مرحة، وإحساس لطيف بالدعابة، وكنا إذا اشتد النقاش، وتوتر جو العمل المثقل بالجد نلتفت إليه فيزيل عنّا ذلك بطرفة حلوة، أو مزاح محبب.
كان رحمه الله نقي السريرة، صافي النفس، فقد صحبته في كثير من أسفارنا داخل المملكة ورأيت منه ذلك، كما عرفت فيه دقة الملاحظة، وكان كثيراً ما يقول لنا: ألم تلاحظوا كذا؟ ألم تنتبهوا إلى كذا؟ فينبهنا إلى أشياء كانت غائبة عنّا.
ومن مزايا الراحل الكريم - غفر الله له - كثرة أصدقائه، وخاصة المتميزين منهم في الفضل والنبل، ثم تعهده لتلك العلاقات بالصلة والمواصلة حتى لا تذبل، بل تزداد مع الأيام عمقاً وصدقاً.
ومع أنني أعزي بأخي إبراهيم إلا أنني أعزي فيه: أهله، وأسرته، وزوجته وأقرباءه جميعاً، وأصدقاءه وزملاءه، وأدعو نفسي وإخواني إلى الاتعاظ بفقده، والتفكير في الموت والآخرة، فالأمر جد لا هزل فيه، ولابد أن نتأكد من صحة نياتنا وسلامة صدورنا، وإخلاصنا لهذا الدين العظيم الذي شرفنا الله به، وعملنا الدائب لتحقيق الأمانة الثقيلة التي حملناها.
{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}

(*) وزير التربية والتعليم


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved