وقفات سريعة
(1)
كيف أستشعرك قريباً من نفسي؟.. كيف أحس أن الأسوار لا تفصلني عنك..؟ لماذا لا أجد الحرج في أن أبوح لك بما يخالجني ويدور في ذهني؟ لذلك كله بداية.. له أسبابه.. ومبرراته.. لقد حدث ذلك قبل عام أو عشرة.. حين التقينا في مكان ما.. وتحدثنا في أكثر من موضوع.. ناقشنا موقفا.. اتفقنا أو اختلفنا.. فليس ذلك بالمهم.. إنما طريقة النقاش.. أسلوب الحوار.. جعلني أحترم رأيك بصرف النظر عن مدى اقتناعي به.
إن وسيلة كسب الناس فن قائم بذاته.. فن يعتمد بالدرجة الأولىعلى الكلمة القريبة إلى القلب.. الصادرة من شعور صادر.. على اللقاء الذي لا ينضح بالتكلف والمجاملة.. على الابتسامة الصريحة التي لا تحمل الزيف أو الافتعال وحتى نكون في علاقاتنا واضحين.. لا نعبث بالكلمات.. ننمقها لأغراض مؤقتة.. فالتصنع لابد وأن يكتشف.. والافتعال سيظهر.. وما استخدمناه بصدق لكشف الآخرين.. ستأتي نتائجه حسب ما توقعنا، فنحن ننشد الاقتراب والتلاقي لإحداث فجوة في علاقاتنا الاجتماعية.. ولكن ينبغي أن نعرف الطريق الصحيح الى ذلك السبيل.. وأذكر إنني شاهدت أكثر من كتاب يعالج مثل هذا الموضوع.. مثل الطريق الى كسب الأصدقاء.. كيف تكون محبوبا.. وغير ذلك من الكتب التي لا أتصور أنها ذات فائدة تذكر في هذا المجال، فأنت لكي تكون قريبا من غيرك لا تحتاج الى قراءة كتاب.. إنما الى أن يكون سلوكك الاجتماعي مستساغاً.. يقربك من الآخرين لا ينفرهم منك.. ومثل هذا السلوك إنما أتى نتيجة عدة عوامل.. منها تربوي.. وطبيعة.. وأخيرا نفسي فليس كل إنسان يملك ميزات العلاقات الاجتماعية.. يملك أن نستشعره قريبا من القلب.. لصفاته وسجاياه المحببة لاستعداده في كل وقت أن يمد يد المساعدة لغيره.. لحد به على الصغار.. لمسارعته لعيادة المريض.. لمبادرته في المناسبات الى تأدية الواجب.. إلى عدم احتفاله بارتباط ما يفعل بمصلحة شخصية.. واخيراً الابتسامة التي لا تفارق وجهه.. ومثل هذه المواصفات لا تعثر عليها بسهولة.. لذا فإن من يمتلك مثل من يمتلك كنزا لن ينفد في يوم من الأيام.. ولهذا السبب فإن الموظفين في المتاجر ومحلات البيع بالمفرد التي تتعامل مع الجمهور مباشرة ينبغي أن تكون لهم الكثير من الصفات التي ذكرناها، وإلا فشلوا في تعاملهم مع الجمهور ونفروه بدلا من كسبه كعميل دائم، لذلك المحل، وأنا شخصيا أفضل المقابلة اللطيفة من الذين أتعامل معهم على متانة البضاعة وجودتها.. فالبضاعة الى انتهاء في يوم من الايام.. إلى الاستغناء عنها.. ولكن الشعور الذي يداخلني وأنا أدلف إلى المحل أو أغادره لا يمحى من نفسي مطلقاً.
فليس من الغريب والحالة هذه أن يسعى أصحاب المحلات الى تخاطف البائع اللبق.. البائع الناجح.. إنهم يغرونه ليس بالمرتب فحسب.. إنما باحتساب فائدة بنسبة معينة على مبيعاته.. لهذا فإنه في هذه الحالة سيضاعف من نشاطه.. سيضاعف من لباقته ومحاولة كسب المشتري، سيبذل قصارى جهده لكيلا يفلت العميل من يده.. سيغريه بالبضاعة الانسب سعرا.. الاقل تكلفة.. وربما الاقل جودة.. أنت تريد بضاعة من صنف ما.. هي دونك.. بجميع أصنافها ومختلف أسعارها.. الذي أردت قوله، ومن هذه الخاطرة ان الأخلاق تشترى ولا تباع.. يدفع بها السعر المرتفع.. معنويا أكثر مما هو مادي.. فكسب الناس كما شرحت عملية ليست سهلة، ولكنها ممكنة بالتعود والرغبة.. وإن أردنا أن نكون محبوبين فعلينا أن نعتاد محبة الناس.. كل الناس.
(2)
الإنسان في حياته يكافح في أكثر من ميدان.. في أكثر من مجال.. فالحياة العصرية المعقدة تجعل الطرق تتشعب أمام تفكيره حتى ليحس بالضياع والتشتت.. إنه يسعى الى أن يعيش في مستوى معين.. وهو في ذلك السبيل ينظر إلى أعلى، وإلى الأمام.. ينتظر أن تحين الفرصة الشريفة المناسبة ليقتنصها.. يتوسم أن يفلح أبناؤه في دراستهم حتى يبزوا أقرانهم.. يتوقع ان يعهد إليه بمهام أخطر وأصعب في محيط عمله ليثبت جدارته وإخلاصه يأمل كتاجر أن يعقد صفقة رابحة تنقله إلى مصاف الأثرياء.. يتمنى أن ينمي مصادره باعتباره من ذوي الدخل المحدود يدعو ربه ليل نهار ألا يصاب هو أو أحد أفراد أسرته بسوء أو مرض طارئ يلتهم ما استطاع ادخاره خلال مرحلة طويلة من عمره.. حول هذا الموضوع دار نقاش في مجلس ضم طائفة من المتعلمين.. فكان أن نظر كل واحد من المتجاورين الى زاوية دون الاخرى.. والمنطلق هو على أي شيء ينبغي أن يركز المرء لتتحقق آماله في المستقبل التعليم.. النشاط المجدي.. تحديد فترة العمل.. الظهور على مسرح المجتمع بإنتاج جديد.
ولنقف عند كل واحدة من هذه النقاط نحاول استيعاب ما يمكن أن يندرج في بابها من حقائق.. التعليم هنا غاية ووسيلة في ذات الوقت.. فإن لم يكن ذلكم هو الهدف توقفنا عند شوط معين هو أقل ما يجب أن نسعى اليه ونستهدفه والنشاط المجدي هو بلا شك الوسيلة الأقرب الى المكاسب الاجتماعية والمادية.. الأكثر إنهاكاً، والأقرب إلى تحقيق الآمال، ولا سيما في سن معينة يستطيع فيها المرء أن يسهر الليالي الطويلة حتى يدخر ما يعينه على تلبية مطالب أسرته الآنية والمستقبلية.
تحديد فترة العمل من الناحة الصحية تضمن النشاط إلى سنوات أطول بحيث لا يشيخ الإنسان وتتبدد قواه في سن مبكرة.. فهو هنا قادر على أن يبذل من الجهد المتواصل ما يفوق استطاعة ذلك الذي أنهك قواه الجسمانية في فترة زمنية معينة.. بديهي أن العلماء بصورة عامة ينصحون بأن يتقيد المرء ببرنامج يومي لا يحيد عنه.. برنامج يبدأ من الاستيقاظ حتى انتهاء فترة العمل الرسمي التي لا تزيد عن ست ساعات في اليوم بعمل متواصل.. وبعد ذلك يقتضي أخذ راحة عن طريق النوم أو الاستلقاء على الأقل ثم القراءة أو زيارة الأصدقاء وغير ذلك من وسائل الترفيه التي لا تتطلب جهداً على الاطلاق.
وأخيراً نأتي الى النقطة الاخيرة وهي الظهور على مسرح المجتمع بنتاج جديد.. تأليف.. ابتداع.. وبديهي أن هذا المنحى لا يتوفر لدى الغالبية العظمى من الناس.. لأنه موهبة يتصف بها صفوة لا غير، وبما أن هذا التشعب لم يجعل أيا من المتحاورين يلتقي مع الآخر عند نقطة معينة، فقد اعتبروا ان مناقشة أخرى يحتاجون الى عقدها على أمل إشباع كل نقطة درساً وتأملاً.. لذا فإنني أكتفي بطرح الآراء التي قيلت دون أن أبدي وجهة نظري.
ملحوظة
كلما اقتربت دورة الخليج فمن البديهي أن تكثر التعليقات والتكهنات والحدس.. ومن الطبيعي والحالة هذه أن تخفي كل دولة مشتركة في الدورة أسرارها الرياضية أعني ما تود أن تفاجئ به عشاق الرياضة في دول الخليج العربي. وعلى هذا فأحسب أن الجميع يتوقعون صراعا كرويا ماتعا في سبيل إحراز البطولة على أن هنالك بعض الإخوان يخطئون في تقدير إمكانات الفرق الاخرى بحسن نية، وعلى سبيل المثال أذكر المقال الذي نشره المعلق الرياضي فاروق بن زيمة في هذه الجريدة، ونقلته صحيفة الرآي الام الكويتية حيث تعرض فيه الى استعداد الفريق الاهلي الكويتي، اقول: إن ما ذكره الاخ المعلق ونقلته الرأي العام - بالتأكيد ليستفيد منه الفريق الآخر - جاء ليس بحسن نية فحسب، وإنما لبث روح الاطمئنان وإزالة التوتر في الأعصاب حول التقديرات المضادة، واذا كان لي من ملاحظة - وقد قلتها للأخ خالد المالك - فهي ان سبيل النشر لن يخدم ذلك الغرض، وكان في وسعه أن يشرح وجهة نظره للاعبين والمدربين والإداريين للغاية نفسها، أما نحن القراء، فلن يفيدنا أن نعرف نقاط الضعف في الفرق الأخرى بقدر ما يعنينا أن نعرفها في فريقنا لنتلافاها قبل فوات الأوان.
بسرعة..
قيل: إن الاجتماع الذي ضم معالي وزير الإعلام ورؤساء تحرير الصحف ناقش فكرة وضع نظام جديد للمؤسسات الصحفية، وهذه الخطوة من معالي الوزير تأتي تكملة للخطوات الفعالة لتركيز أجهزتنا الاعلامية وجعلها في مستوى مسؤولياتها الكبيرة، فتعيين الدكتور الشبيلي، ثم الغوث وقبلهما عبدالله ابو السمح تجعلنا نثق بأن الشيخ إبراهيم العنقري يطيل التأمل ودراسة ما هو مقدم عليه، وهذا لا يجعلنا ننسى النظام الجديد للمطبوعات، فهو بلا شك سيأتي ثمرة النظرة البعيدة للأمور.
بسرعة أكثر
القوي هو الذي يعرف متى وكيف يستخدم قوته.. القوي يعرف الند فيسعى اليه.. أما أن يهبط فيفقد مكانته فذلك منتهى الضعف.
|