Sunday 7th November,200411728العددالأحد 24 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "شهر الغفران"

الإسلام حفظ لهن كرامتهن الإسلام حفظ لهن كرامتهن
مسلمات ملأن التاريخ فقهاً وعلماً

* الرياض - وسيلة محمود الحلبي
كان للمرأة المسلمة حضور قوي في المجتمع منذ اللحظة الأولى لظهور الإسلام، فالسيدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها) هي أول من آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم على الإطلاق وكانت ملاذاً وحصناً منيعاً للدعوة الإسلامية حتى وفاتها في العام العاشر من البعثة، وهو العام الذي سماه النبي صلى الله عليه وسلم بعام الحزن كذلك كانت المرأة سباقة في التضحية بنفسها في سبيل الله، فالسيدة (سمية بنت خياط) رضي الله عنها هي أول شهيدة في الإسلام.
كما كانت المرأة أول من هاجر في سبيل الله فالسيدة (رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم) هي أول من هاجرت إلى الله تعالى مع زوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه (بعد نبي الله لوط عليه السلام) كما أخبر الحديث الشريف.
ولم يقتصر عطاء المرأة المسلمة على الإيمان والهجرة والتضحية فقط، بل امتد هذا العطاء إلى المجال العلمي والتعليمي فظهرت الفقيهة والمحدثة والمفتية، التي يقصدها طلاب العلم، ويأخذ عنها بعض أساطين العلماء وتستفتى في بعض الأمور التي تخص عامة المسلمين، وظهر من العالمات المسلمات من تعقد مجالس العلم في كبريات المساجد الإسلامية وكان لبعضهن مؤلفات وإسهامات في الإبداع الأدبي.
ففي صدر الإسلام كانت أمهات المؤمنين وعدد من كبار الصحابيات من رواد الحركة العلمية النسائية وكانت حجرات عدد من أمهات المؤمنين الفضليات منارات للإشعاع العلمي والثقافي والأدبي وتأتي (أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها) في الذروة والمقدمة فكانت من الفصيحات البليغات العالمات بالأنساب والأشعار وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستمع منها إلى بعض ما ترويه من الشعر.
أما في مجال رواية الحديث النبوي الشريف فهي من المكثرات من الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وتأتي بالمرتبة الثالثة من حيث الإكثار من الرواية إذ روت حوالي (2210) حديث وتروي بعض الآثار عن عائشة عندها نصف العلم، لذا كانت مقصد فقهاء الصحابة عندما تستعصي عليهم بعض المسائل العلمية والفقهية، خاصة فما يتعلق بجوانب حياة النبي صلى الله عليه وسلم وكانت عائشة تحث سائلها ألا يستحي من عرض مسألته وتقول له: (سل فأنا أمك).
وقد أخذ عنها العلم حوالي (299) من الصحابة والتابعين من (67) امرأة.
أما (أم سلمة رضي الله عنها) فكانت كما وصفها الذهبي من فقهاء الصحابيات وممن روى كثيراً من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنها كثير من الصحابة والتابعين الذين بلغوا حوالي (101) منهم (23) امرأة وتتعدد أسماء الصحابيات والتابعيات اللاتي اشتهرن بالعلم وكثرة الرواية وتحفل كتب الحديث والرواية والطبقات بالنساء اللاتي روين وروي عنهن الحديث الشريف، مثل: أسماء بنت أبي بكر الصديق، وأسماء بنت عميس وجويرية بنت الحارث، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت جحش رضي الله عنهن).
ولم يغفل كبار كتاب الطبقات الترجمة للمرأة المسلمة خاصة في الرواية (فمحمد بن سعد) ذكر كثيراً، من الصحابيات والتابعيات الراويات في كتابه (الطبقات الكبرى) (وابن الأثير) خصص جزءاً كاملاً للنساء في كتابه (أسد الغابة)، وفي كتاب (تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني) ذكر أسماء (724) امرأة ممن اشتهرن بالرواية حتى مطلع القرن الثالث الهجري.
وقد ساهمت المرأة العاملة في صناعة وتشكيل كثير من كبار العلماء، (فالمؤرخ والمحدث الشهير الخطيب البغدادي) صاحب كتاب (تاريخ بغداد) سمع من الفقيهة المحدثة (طاهرة بنت أحمد بن يوسف التنوفية) المتوفاة (436هـ) وكانت أمة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل المتوفاة (377هـ) من أفقه الناس في المذهب الشافعي، وكانت على علم بالفرائض والحساب والنحو وكانت تفتي ويكتب عنها الحديث، (أما جليلة بنت علي بن الحسن الشجري) في القرن الخامس الهجري فكانت ممن رحلن في طلب الحديث في العراق والشام وسمع منها بعض كبار العلماء (كالسمعاني) وكانت تعلم الصبيان القرآن الكريم.
وكانت (زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني) المتوفاة سنة 688هـ من النساء اللاتي قضين عمرهن كله في طلب الحديث والرواية، وازدحم الطلاب على باب بيتها في سفح جبل قاسيون بدمشق، فسمعوا منها الحديث، وقرؤوا عليها كثيراً من الكتب، أما (زينب يحيى بن العز بن عبد السلام) المتوفاة (735هـ) فقد تفردت برواية المعجم الصغير بالسماح المتصل، وقال عنها مؤرخ الإسلام شمس الدين الذهبي انه كان فيها خير وعبادة وحب للرواية بحيث انه قرأ عليها يوم موتها عدة أجزاء، وكانت (زينب بنت أحمد الدمشقية) المتوفاة سنة 722هـ من المحدثات البارعات ذات السند في الحديث ورحل إليها كثير من الطلاب.
ويحكي الرحالة العظيم (ابن بطوطة) أنه في رحلته زار المسجد الأموي بدمشق وسمع فيه من عدد من محدثات ذلك العصر مثل (زينب بنت أحمد عبد الرحيم) وكانت امرأة ذات قدم راسخ في العلم والحديث، و(عائشة بنت محمد بن المسلم الحرانية) التي كان لها مجلس بالمسجد، وكانت تتكسب بالخياطة، وقرأ عليها ابن بطوطة عدداً من الكتب، وقد تفردت بعض المحدثات ببعض الروايات مثل (زينب بنت سليمان بن إبراهيم) المتوفاة (705هـ) والتي أخذ العلم عنها تقي الدين السبكي، كما أجازت بعض العالمات المحدثات لعدد من كبار العلماء (فزينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن تمية) المتوفاة (725هـ) أجازت ابن حجر العسقلاني الذي روى أيضاً عن عائشة بنت محمد بن عبد الهادي التي كانت ذات سند قويم في الحديث، وحدث عنها خلق كثير، وكانت توصف بأنها سهلة الأسماع، لينة الجانب، وروت عن محدثتين هما: (ست الفقهاء بنت الواسطي، وزينب بنت الكمال).
وتأتي العالمة الجليلة (فاطمة بنت محمد بن أحمد السمرقندي) لتمثل المكانة العالية الرفيعة في الفقه والفتوى، وتصدرت للتدريس وألفت عدداً من الكتب، وكان الملك العادل (نور الدين محمود) يستشيرها في بعض أمور الدولة الداخلية ويسألها في بعض المسائل الفقهية، أما زوجها الفقيه الكبير الكاساني صاحب كتاب البدائع فربما هام في الفتيا فترده إلى الصواب، وتعرِّفه وجه الخطأ فيرجع إلى قولها، وكانت تفتي ويحترم زوجها فتواها، وكانت الفتوى تخرج وعليها توقيعها وتوقيع أبيها وزوجها فلما توفي أبوها كانت توقع على الفتوى هي وزوجها الكاساني لرسوخها في العلم، وفقهها الواسع.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved