عرضت قناة mbc مؤخراً حواراً بين عالِميْن أحدهما مؤلف هذا الكتاب وهو الدكتور عبد الصبور شاهين ، والدكتور زغلول النجار ، وكنت قد هممت أن أبحث عن الكتاب الذي لا أظن أن من السهل العثور عليه ، بالرغم من إجازته من علماء الأزهر الشريف وغيرهم ، فهو ليس بالممنوع أو المصادر ، وشاء الله أن أطلع على هذا الحوار في حلقتيه الأولى والثانية ، فعقلت بعض فحوى موضوع الكتاب وحيثياته ، فقد أبان مؤلفه عن سبب تأليفه ، وهو أن يطهر قضية خلق آدم من الإسرائيليات التي كثرت حول خلق آدم - عليه السلام - ، إلا أن الدكتور زغلول النجار كان من أحد المعارضين لهذا المؤلف وما جاء فيه ، وأكبر مباحث هذا الكتاب هو أن آدم - عليه السلام - خُلق من أب وأم ، وأنه خلق في الأرض ، هذه حقيقة توصل إليها المؤلف بعد أن أمضى أكثر من ثلاثين عاماً في البحث والتقصي ، وقد خالفه كثير من الباحثين ومن جملتهم النجار ، ومنهم من ألف كتاباً يرد به على المؤلف ، وهو من السعودية.
هذا التصور الذي توصل إليه المؤلف عبد الصبور ذكرني بكتاب الدكتور طه حسين (الأدب الجاهلي) فقد زعم أن الشعر الجاهلي موضوع ، وليس من الحقيقة في شيء ، بل وضع في العصر الإسلامي ، يريد بذلك إلى أن يؤكد مقولة المستشرقيْن (بروكلمان) و(مرجليوث) ، وبالتالي فالقرآن الكريم على فصاحته الذي يقترب منه قليلاً الشعر الجاهلي موضوع ، وقد منع الكتاب وصودر من الأسواق ، ثم تراجع طه حسين عن بعض آرائه فأخرجه بصورة منتقاة وسمّاه (نقد الشعر الجاهلي) ، أما الحال هنا فهو مختلف تماماً ، فعلماء الأزهر قد أجازوا كتاب (أبو البشر) ، وفيه ما فيه من رأي جديد اعتمد المؤلف فيه على نقولات ومصادر ، إلا أن الدكتور زغلول احتج عليه بأن هذه النقولات كانت خاطئة ، وقد انساق المؤلف إلى التأويل ، وانحراف النص عن مساره الطبيعي ، فقد جاء مخالفاً لما عليه القرآن والسنَّة ، إذا كان هذا هو رأي المؤلف فإني لمفتقر إلى الوقوف على الكتاب لأعقل عنه ، ولأعي فحوى ما ذهب إليه المؤلف من خلال مكتوبه ، ومن خلال نقولاته التي اعتمد عليها ، فمن البدهي أن يصعق بهذا من يعرف الدكتور عبد الصبور واتجاهه الإسلامي المعروف بلا مواربة ، وإني أدعو إلى الاطلاع على هذا الكتاب ليكون القارئ على حيطة من الأمر ، وادعو المطلع إلى معرفة رأي المخالفين الذين انتقدوا هذا الكتاب ، فهو ليس بالمسلم به.
|