Sunday 7th November,200411728العددالأحد 24 ,رمضان 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "محليــات"

دفق قلم دفق قلم
ولكنَّ الفلوجة لا بواكي لها !!
عبدالرحمن بن صالح العشماوي

أين الضمير العالمي؟ أين قوانين الدول المتقدمة؟ أين إحساس إنسان الطائرة والصاروخ والإنترنت والصعود إلى القمر؟! أين مشاعر الذين يتحدثون عن الديموقراطية، والإصلاح، وحقوق الإنسان، ومكافحة الأمية، وحفظ الحرية؟ أين قلوب الذين يتحدثون عن رعاية الأطفال، والحرص على مشاعرهم، ويقيمون الدنيا من أجل معلم أو معلِّمة ضربا طالباً صغيراً من أجل مصلحته؟ أين وأين وأين؟
بيوت تُهدم، وأطفال يُشرَّدون، ونساء تنتهك أعراضهن، وأشلاء تتناثر في كل مكان، وأسلحة محرَّمة دولياً تخنق بغازاتها المدنيِّين الذين لا ناقة لهم في الحرب ولا جمل، وغارات جويَّة لا تكلّ ولا تملّ تفرغ مئات الأطنان من القنابل الحارقة، وتطلق آلاف الصواريخ على البيوت الآمنة، تواصل ليل هجماتها بنهارها دون مراعاةٍ لأطفالٍ مذعورين، ونساءٍ وجلات باكيات شاكيات، وشيوخٍ مسحوقين، ورجالٍ تنزف جراحهم دماً، وتغرق عيونهم دمعاً ساخناً مشبوباً على وهج الأسى، ولهب الأنين.
لماذا كلُّ هذا؟ هل يجوز في عقلٍ أو عرفٍ أو شرع أن تهدم مئات البيوت، ويقتل عشرات الأبرياء من أجل شخصٍ أو شخصين أو مائة لا يعلم إلا الله عز وجل أين يكونون؟
هل سيتجدَّد الجرح الكبير هذه الأيَّام في فلَّوجة الأحزان؟، هل سنرى ويرى العالم حلبجةً أخرى، أو صبرا وشاتيلا ثانيةً في العراق؟ هل ستصحو عيون النائمين صبيحة يومٍ على خبرٍ رهيبٍ مخيف يتحدَّث عن بلدةٍ كانت جزءاً من خارطة العراق اسمها (الفلوجة) وأخرى اسمها (الرمادي)؟
يا ضيعة الموازين العادلة عند وحوش البشر الذين لا يرعون في مؤمنٍ إلاً ولا ذمّة، ويا ضيعة القوانين البشرية التي تدَّعي أنها وضعت لمناصرة المظلومين، ورعاية حقوق المستضعفين، ويا خسارةَ كل أدوات التَّلميع التي استخدمت على مدى سنواتٍ طويلة لتلميع وجه المدنية الغربية المادية المنحرفة عن الطريق المستقيم.
يا أيها الإنسان المتحضِّر المتطوِّر المثقف المتعلم، أما لك من تأنيب الضمير ما يدعوك إلى التحرُّك سريعاً لردع الظالمين، وحماية المساكين؟ يا أيها الإنسان المسلم عربياً وغير عربي، حاكماً ومحكوماً، غنياً وفقيراً، أما لك كلمة ترفعها بصوت واحد متآلف إلى هؤلاء الذين يمزِّقون جسد بلادك عضواً عضواً، أما لك صرخة مدوِّية تنبِّه غافلهم، وتعيد الصواب إلى مجنونهم قبل فوات الأوان؟
إني أخشى أيها الأخ الكريم أن نرى على الشاشات صورة مأساةٍ ضخمة في الفلوجة تضاف إلى المآسي السابقة تجعلك وتجعلنا نقول: - ولكن الفلَّوجة لا بواكي لها - صانها الله وحفظها.
لكل إنسان غربي صغير أو كبير، ولكل حيوان غربي أليف أو غير أليف من يبكي لهم، ويأخذ بثأرهم، فمن للفلُّوجة في هذه المحنة العظيمة؟
اللهم إنك أنت وحدك القادر على حمايتها فاحمها بما شئت وكيف شئت.
إشارة :


ستلقون يا قومي جزاء سكوتكم
عن الظلم إنَّ السيف بالسيف يُقْرَعُ


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved