أوضاع فلسطينية دقيقة

تتزامن عدة أحداث ووقائع لتجعل من الوضع الفلسطيني المتأزم أصلا أمراً ذا حساسية بالغة، فمرض الرئيس الفلسطيني يدفع بوقائع جديدة واحتمالات شتى مع التدهور الشديد في صحته، غير أن التحركات من قِبل القيادة الفلسطينية تُعبِّر عن رباطة جأش مطلوبة بشدة، كما أن الحالة الفلسطينية تتطلّب انفتاحاً واسعاً على كافة فئات الشعب الفلسطيني وفصائله لضم الصفوف من أجل التوصل إلى ترتيب البيت الفلسطيني بطريقة هادئة، وهو أمر يبدو أن الجميع حريصون عليه.
وهناك أيضاً التطورات المرتبطة بإعادة انتخاب جورج بوش رئيساً لأمريكا، والمحاولات لقراءة توجهاته بعد هذه العودة إلى البيت الأبيض خصوصاً من المشكلة الفلسطينية التي تحظى بكامل الاهتمام العربي.
وفي مقابل حالة الترقب والوجوم في الشارع الفلسطيني التي ترافق المتابعة الدقيقة لصحة الزعيم ياسر عرفات، فإن إسرائيل تحاول استباق الأحداث بطريقة استفزازية تمس المشاعر الفلسطينية عندما تتحدث عن مكان دفن عرفات، أو ترسل التصريحات التي تعكس حالة من الارتياح لكون عرفات مريضاً، فيما تبث وسائل إعلامها صوراً في غاية البشاعة لإسرائيليين يرقصون فوق الأحزان الفلسطينية.
وهكذا فإن إسرائيل لا تفتأ تقدم الأمثلة وباستمرار على شذوذها وخروجها عن المسلك السليم وعن الأطر المعروفة والمتبعة في التعامل الإنساني الذي يتجاوز المرارات بين الناس في المواقف التي تتطلَّب ذلك ليحترم مشاعر الآخرين رغم حالات العداء التي تكون قائمة.
وعلى كل فإن هذه طبيعة إسرائيل، ومن المهم أن ينكب الفلسطينيون على الأمور التي تواجههم، ولعل الأمر الجوهري هو إظهار أكبر قدر من الوحدة الوطنية، وهو ما يلاحظ أن الفصائل تحرص عليه، وتتصرف وفقاً له، انطلاقاً من مسؤولية الوضع الدقيق، وقد جاء اجتماع رئيس الوزراء الفلسطيني أمس مع مختلف الفصائل في غزة في إطار الترتيب الهادئ للبيت الفلسطيني في مواجهة التطورات.. كما عقدت اللجنة العليا للفصائل الفلسطينية التي تضم ثلاثة عشر فصيلاً اجتماعاً طارئاً لها لبحث الوضع على ضوء تدهور صحة عرفات.
وخلال كل هذه اللقاءات الجماعية وفي الإطار الثنائي بين القيادات برزت بصورة واضحة روح التعاون والإخاء بما يتفق مع الوضع، وبما يعين على تجاوز المرحلة بطريقة تثبت القدر الكبير من المسؤولية الذي يتحلى به هذا الشعب.