ياسر عرفات أثار الكثير من الجدال الحاد والنقاش الساخن والنقد والعتاب طوال سنوات كان فيها يحلم بالدولة الفلسطينية المستقلة التي عاصمتها القدس. كان يقول ذلك كلما أراد إغاظة اليهود، أكثر من أي شيء آخر، على أساس ما صارت عليه عجلة الواقع السياسي من تناقضات مهينة صاغتها أيديولوجية القطب الواحد التي أرادت أن تصنع من الشعوب البسيطة والفقيرة هنوداً حمر.
اليوم، وعلى الرغم من كل الشعبية التي حظي بها الزعيم الفلسطيني (ياسر عرفات) داخل فلسطين وخارجها في السنوات الأولى من الانتفاضة التي صنعت منه رجلا سياسيا قادرا على الوقوف في وجه إسرائيل على الرغم من أن شهداء الانتفاضة كانوا يختلفون عن أفكاره أحيانا، إذ لم يكن يعنيهم الخطاب البراغماتي الفارغ بقدر ما كان يعنيهم أن ينظر العالم كله إليهم كشعب يريد حريته لأنه يستحقها ولأنه ببساطة يحتاجها ومن حقه المطالبة بها والدفاع عنها بكل الطرق.
ربما جاءت الظروف الصحية لعرفات في مرحلة التقاطع اليوم، مرحلة تبدو فيها الحياة السياسية الفلسطينية في مفترق الطرق، أمام وضع في غاية الخطورة على المستويين الداخلي والإقليمي والدولي. و الحال أن أمريكا في قمة حمى الانتخابات الرئاسية لا تبدو مكترثة بمرض أو موت أو حياة عرفات، لأنها أثناء انغماسها في الانتخابات لا تنسى كل تلك الضغينة التي حملتها له، طوال السنوات الماضية متهمة إياه بالتسويق لأجل (قضية خاسرة) وهو التسويق الذي ربما تؤاخذه عليه العديد من الدول الأخرى، على اعتبار أن القضية الفلسطينية ليست قضية أحادية ولا شخصية وليست خاصة بشخص بعينه، بل هي قضية شعب يتعرّض اليوم لأسوأ وأعنف حصار وإبادة وتجويع وإذلال من قبل الجيش الإسرائيلي ومن قبل الحكومة الإسرائيلية ومن قبل الأحزاب السياسية الإسرائيلية بمختلف توجهاتها.
(لاكروا) الفرنسية |